بين العقيدة والقيادة
الناشر
دار القلم - دمشق
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الدار الشامية - بيروت
تصانيف
في أشد حالات الحذر واليقظة.
وإذا كان الجندي حذرًا يقظًا، صَعُبَ على عدوه أن ينال منه شيئًا أو يباغته من مكان لا يتوقعه أو في زمان لا يتوقعه أيضًا، والمباغتة مبدأ من أهم مبادئ الحرب كما هو معروف.
وليس جنديًا حقًا من ينام عن عدوه، لأن المبدأ الحصيف في الحرب هو إدخال أسوأ الاحتمالات في الحساب، فإذا كان احتمال هجوم العدو مثلًا واحدًا بالمئة، فيجب أن نُدخل في حسابنا أن العدو سيهجم مئة بالمئة! وتطبيقًا لمبدأ الحذر واليقظة، كان المسلمون الأولون في الحرب لا ينامون ولا يُنيمون، وكان من مزايا خالد بن الوليد ﵁ أنه كان لا ينام ولا يُنيم.
وما أصدق المثل العربي القديم: "إذا كان عدوك نملة، فلا تنم له".
والاستهانة بالعدو اعتمادًا على الكثرة الكاثرة أو العدد العديد، يؤدي إلى الكوارث في الحرب، وقد علَّمنا الله ﷾ درسًا عسكريًا سجله القرآن الكريم. فقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾ [التوبة ٩: ٢٥].
إن الاستهانة بالعدو تؤدي إلى الهزيمة، فلا ينبغي لأحد أن يستهين بعدوه قبل لقائه وإحراز النصر عليه. أما المنتصر فمن حقه أن يستهين بعدوه لأنه عرف قابلياته في الحرب، أما قبل خوض العركة فلا بد من أن يُدخِل
1 / 115