بين العقيدة والقيادة
الناشر
دار القلم - دمشق
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الدار الشامية - بيروت
تصانيف
ثم إن انتظام المسلمين للصلاة، شجع روح الوحدة بينهم، وخلق بينهم شعورًا بالمساواة التي كانت أفكارًا جديدة على بلاد العرب، إذ كانت الوحدة الموجودة حتى ذلك الوقت هي رابطة الدم، فأصبحت الوحدة السائدة هي وحدة العقيدة.
لقد وَجَدَ الإسلام بتعاليمه التي تغرس الضبط والنظام في النفوس، وتدعو إلى توحيد الله وتوحيد الصفوف، وتأمر بالجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله، وتنهى عن التخلف والقعود والتولِّي يوم الزحف - أرضًا خصبة في العرب الذين كانت لهم خبرة طويلة في الحروب، والذين لا يهابون الموت ويتعشَّقون الحرية؛ فكان من فضل الإسلام على العرب أنه جمع شملهم ووحَّد قلوبهم وأشاع فيهم الضبط والنظام. وبذلك أصبحوا قوة وجدت لها (متنفَّسًا) في توحيد شبه الجزيرة العربية أولًا وفي الفتح الإسلامي العظيم ثانيًا.
والمعروف أن الجندي لا يمكن أن يقاتل في الحرب قتالًا مستميتًا، ويضحي بروحه مقبلًا غير مدبر، إلا إذا كان يؤمن إيمانًا راسخًا بعقيدة تدفعه إلى التضحية والفداء، وتجعله صابرًا في البأساء والضراء وحين البأس.
والجندي الذي يقاتل بغير إيمان راسخ بعقيدة، لا يمكن أن يَثْبُت في الميدان أبدًا.
وما يقال عن الجندي، يقال عن الجيش، ويقال عن الأمة أيضًا، فليس الجيش إلا مجموعة من الجنود وضباط الصف والضباط، وليس الجيش إلا جزءًا من الأمة.
***
1 / 107