الرضا والقناعة
مقدم البرنامج: نحن في عصر كثرت فيه الملهيات من تلفاز ودش وغيرها من مظاهر الحياة الصاخبة، وكثرت مطالب الزوجات بتوفير هذه الأشياء وغيرها، والزوج يلاقي من المرأة ضغوطًا بسبب ذلك، فما الحل؟! الشيخ: الرضا كنز ثمين، ولن تشعر الزوجة بالسعادة ولا بالراحة مع زوجها إن كان فقيرًا أو متواضعًا في جماله أو ماله أو وجاهته أو جاهه أو علمه، لن تشعر الزوجة بالسعادة ولا بالطمأنينة إلا بالرضا، فالرضا كنز ثمين، وهذا من حق الزوج على زوجته، فالأيام دول، فكم من زوج كان غنيًا فأصبح فقيرًا؟! وكم من زوج كان قويًا فأصبح ضعيفًا؟! وكم من زوج كان صحيحًا فأصبح مريضًا؟! إن الزوجة الصالحة تعلم يقينًا أن كل شيء بقدر، وتتضرع إلى الله ﷾ أن يرزقها الرضا، وترضى بما قسم الله ﷿ لها، فإن النبي ﷺ يقول -كما في الحديث الذي رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر -: (قد أفلح من رزق كفافًا، وقنّعه الله بما آتاه) .
أيها الأحبة: القناعة والرضا كنز لا يفنى، فلا تنظر الزوجة إلى من منّ الله ﷿ عليهم من أموال وعمارات ووجاهات، فهذه أرزاق قسمها الله بين خلقه وعباده، بحكمته وعدله ﷾؛ لذلك يأمرنا النبي ﷺ حتى لا نشعر بشيء من الهم والحزن.
يأمرنا أن ننظر في أمر الدنيا إلى من هو أسفل منا، ويأمرنا أن ننظر في أمر الدين إلى من هو أعلى منا، فقال ﷺ، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (انظروا إلى من هو أسفل منكم في أمر الدنيا، وانظروا إلى من هو أعلى منكم في أمر الدين؛ فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله ﷿ .
فالزوجة الصالحة عليها بالرضا لتشعر بالسعادة، فالرضا يذهب الهموم والأحزان والآلام، بل ويوسع العيش إن كان العيش ضيقًا، ويوسع البيت إن كان البيت ضيقًا.
وأنا لا أقصد المعنى المادي، وإنما أقصد المعنى المعنوي، فالسعة والضيق لا تكون في المكان، وإنما تكون في الصدور، فإذا شعرت الزوجة بالرضا وبالطمأنينة، ورضيت بما قسم الله ﷿ لها، عاشت وزوجها في سعادة، وشعر الزوج هو الآخر بسعادة غامرة مع زوجة راضية رضية، تقبل أي شيء، ولا تدفعه دفعًا إلى الحرام من أجل أن يأتي لها بكل ما تحتاج إليه من رغبات ولو هذه الرغبات خارجة على قدراته وطاقاته.
كم من زوجة تدفع زوجها إلى الحرام من أجل أن يوفر لها المال ليأتي لها بكماليات قد لا تحتاج إليها؟! وكم من زوجة تحول بين زوجها وبين الحرام برضاها وقناعتها وبغضها للحرام! وتقول له: يا أبا فلان! اتق الله فينا، لا تدخل علينا الحرام أبدًا، فإن الحرام يدخل إلى الحلال ليبعثره، ولو كان قليلًا.
وترضى الزوجة بما قسم الله ﷿؛ فتعيش سعيدة آمنة مطمئنة، ويعيش الزوج هو الآخر في غاية السعادة والرضا مع هذه الزوجة، التي تذوقت طعم الرضا وحلاوته فالرضا يوسع العيش إن كان ضيقًا.
انظري أيتها الزوجة إلى من حرمت من الزوج إلى من حرم من الأولاد، إلى من حرم من البيت، إلى من حرم من الصحة والعافية، فما دام الله ﷾ قد رزقك زوجًا، وقد رزقك بيتًا يؤويك، وقد رزقك أولادًا؛ فاحمدي الله ﷾ على هذه النعم التي حرم منها كثير من الناس، قال الله ﷿: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم:٣٤] .
فالزوج يعيش سعيدًا غاية السعادة، وتستطيع الزوجة أن تفتح قلب الزوج، بل تستطيع أن تملك قلب الزوج إن أشعرته بأنها راضية بما قسم الله ﷾.
إن الرضا بقضاء الله وقدره من أعظم نعم الله ﷾ على الزوج والزوجة على السواء، وأصول الرضا أن يقول العبد للرب سبحانه: يا رب! إن أعطيتني قبلت، وإن منعتني رضيت، وإن تركتني عبدت، وإن دعوتني أجبت.
4 / 4