وأيضا يبعد أن تحرض الجارية حمزة على عقر الناقتين بدون حاجة منها إلى أكلهما، وليستا لحمزة، ثم لا يؤدبها رسول الله على ذلك، ولا ينقل تأديبها ولا العفو عنها، ولا سؤالها: لماذا صنعت ذلك؟ ويبعد أن يتغيظ رسول الله على حمزة وهو يعلم أنه ليس مظنة أن يفعل ذلك وهو حاضر العقل فيعقر الناقتين عدوانا وفسادا، فكيف يتغيظ عليه رسول الله قبل أن يعرف سبب عقره لهما؟ وإنه سكران قبل تحريم الخمر؟!
الباعث على هذه الرواية
أن الزهري من خاصة الأموية، وهم يحبون إظهار النقائص لبني هاشم ما أمكن ذلك وساغ، فالزهري مظنة مساعدتهم بمثل رواياته في موت عبدالمطلب مشركا، وأبي طالب مشركا، وفي سب العباس لعلي، وسب علي للعباس كما في رواية البخاري في روايته تخاصمهما عند عمر على ميراث رسول الله وفي تصغيرهما عند عمر وتبكيت عمر لهما، وفي أن عليا عليه السلام كان مسيئا أو مسلما في قصة الإفك، وغير ذلك.
فلا يبعد منه مثل ذلك في حمزة أن يصوره جلفا ضعيف الرأي يشرب الخمر بدون تحديد ولا حذر من إفراط السكر وبلوغه به إلى حد أن يظن رسول الله عبدا من عبيد آبائه، مع أنه في الأصل مؤمن به إيمانا صحيحا صادقا راسخا.
فقد روى الزهري هذه الرواية التي يرضى بها من سمعها من ملوك الأموية وأمرائها فظهر بذلك الباعث على التهمة، وأنها تهمة ظاهرة.
صفحہ 55