فهذه نكارة ظاهرة خاصة برواية الزهري.
ولا يقال: ليس معنى ذلك أنهما طلباه لأنفسهما، إنما طلبا القسمة بينهما نصفين لينفقاه في سبيل الله؛ لأن هذا تأويل تعسف، تكذبه الاحتجاجات الطويلة، والمناشدات المذكورة في هذه الرواية.
مع أن ذلك يقتضي ذكر القسمة لو كانت المطلوب لا طلب القضاء، وكان الجواب عنه بأن ذلك لا يصلح فيه القسمة؛ لأنها توهم الملك، وكل ذلك لم يكن، فالتأويل به تمحل تكذبه الرواية من أولها إلى آخرها، ويكفي في رده مراجعتها.
وفي البخاري(1) عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري مثل هذه الرواية، وزاد في آخرها بعد قوله: -على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه-: لتعملان فيه بما عمل رسول الله وأبو بكر، وما عملت فيه منذ وليت، وإلا فلا تكلماني فقلتما: ادفعه إلينا بذلك، فدفعته إليكما، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك...إلى آخره.
ثم عقبها الزهري برواية عن عروة ولفظها: قال: فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال: صدق مالك بن أوس، أنا سمعت عائشة (رض) زوج النبي تقول: أرسل أزواج النبي عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن -إلى قوله عنها-: ألم تعلمن أن النبي كان يقول: ((لا نورث ما تركنا صدقة)) يريد بذلك نفسه، إنما يأكل آل محمد في هذا المال -إلى قوله-: قال: فكانت هذه الصدقة بيد علي منعها علي عباسا فغلبه عليها -إلى قوله-: وهي صدقة رسول الله حقا. انتهى.
وفيه في أوله تأكيد لما قلنا قبيله.
وفي رواية الزهري لتأكيده بروايته عن عروة قوله: صدق مالك بن
أوس، دليل على عناية الزهري بهذه الرواية.
(فائدة)
دلس ابن حجر في ترجمة مالك بن أوس، فروى عن عروة أنه قال: صدق مالك بن أوس، وسكت عن بقية الكلام ليوهم التصديق في حديث مالك على الإطلاق!
مع أن الرواية إنما هي متصلة برواية الاستشهاد على صحتها بالرواية عن عائشة فليس في ذلك توثيق لمالك بن أوس، مع أن الكل من طريق الزهري.
صفحہ 20