43

ظہر اسلام

ظهر الإسلام

اصناف

روي أنه لما اختلف أمر الناس، وبايع بعضهم لابن المعتز، سأل ابن جرير المؤرخ الكبير، وكان في آخر أيامه: ما الخبر؟ قالوا: بويع ابن المعتز. قال: فمن رشح للوزارة؟ قالوا: محمد بن داود. قال: فمن ذكر للقضاء؟ قالوا: أبو المثنى. فأطرق ثم قال: هذا الأمر لا يتم. قيل له: وكيف؟ قال: كل واحد ممن سميتموهم متقدم في معناه، عالي الرتبة، والزمان مدبر، والدنيا مولية، وما أرى هذا إلا إلى اضمحلال، وما أرى لمدته طولا.

34

كان المقتدر صبيا في الثالثة عشرة من عمره لا يعرف من أمور الدنيا شيئا، ومع ذلك لقبوه بالمقتدر! ولما شب عكف على لذائذه، وتوفر على المغنين والنساء، وترك أمور الدولة لغيره وعلى رأسهم مؤنس التركي، فبلغت الحال من بله الخليفة وسوء رجاله أقصى حد.

وأخيرا بعد حكم فاسد دام نحو خمس وعشرين سنة، قتل المقتدر رجل من أصحاب مؤنس، أضجعه فذبحه وسلب ثيابه حتى سراويله، وتركه مكشوف العورة، إلى أن مر به رجل من الأكرة فستر عورته بحشيش، ثم حفر له في الموضع، ودفن حتى عفا أثره.

35

قال المسعودي في المقتدر: «أفضت الخلافة إليه وهو صغير غر ترف، لم يعان الأمور ولا وقف على أحوال الملك، فكان الأمراء والوزراء والكتاب يدبرون الأمور ليس له في ذلك حل ولا عقد، ولا يوصف بتدبير ولا سياسة، وغلب على الأمر النساء والخدم وغيرهم، فذهب ما كان في خزائن الخلافة من الأموال والعدد بسوء التدبير الواقع في المملكة فأداه ذلك إلى سفك دمه؛ واضطربت الأمور بعده، وزال كثير من رسوم الخلافة

36 ... وكانت في أيامه أمور لم يكن مثلها في الإسلام: منها أنه ولي الخلافة ولم يل أحد قبله من الخلفاء وملوك الإسلام في مثل سنه؛ لأن الأمر أفضي إليه وله ثلاث عشرة سنة وشهران وثلاثة أيام، ومنها أنه ملك خمسا وعشرين سنة إلا خمسة عشر يوما، ولم يملك هذا أحد من الخلفاء وملوك الإسلام قبله، ومنها أنه استوزر اثني عشر وزيرا، فيهم من وزر له المرتين والثلاث، ولم يعرف فيما قبله أحد استوزر هذه العدة، ومنها غلبة النساء على الملك والتدبير، حتى إن جارية لأمه تعرف بثمل القهرمانة كانت تجلس للنظر في مظالم الخاصة والعامة، ويحضرها الوزير والكاتب والقضاة وأهل العلم.

37

ولم تكن خلافة القاهر خيرا من خلال المقتدر. وأخيرا اجتمع بعض قواد الجند وقبضوا على القاهر وهو سكران، واستحضروا بختيشوع بن يحيى المتطبب وسألوه أن يدلهم على من يحسن أن يسمل، فذكر لهم رجلا، فأحضر وسمل

38

نامعلوم صفحہ