ظلمات داجية ، ورعد قاصف ، وبرق خاطف ، فأصحاب الصيب المنعوت بهذه الصفات الهائلة ( يجعلون أصابعهم في آذانهم ). والضمير راجع إلى أصحاب الصيب. والمضاف وإن حذف لفظه وأقيم الصيب مقامه لكن معناه باق ، فيجوز أن يعول عليه. وهذه الجملة استئناف ، فكأنه لما ذكر ما يؤذن بالشدة والهول قيل : فكيف حالهم مع مثل ذلك؟ فأجيب بها. وإنما أطلق الأصابع موضع الأنامل للمبالغة.
ويتعلق قوله : ( من الصواعق ) ب ( يجعلون )، أي : من أجلها يجعلون. والصاعقة : قصفة رعد هائل معها نار لطيفة حديدة ، لا تمر بشيء إلا أتت عليه ، أي : أهلكته ، من الصعق وهو شدة الصوت. وقد تطلق على كل هائل مسموع أو مشاهد. ويقال : صعقته الصاعقة إذا أهلكته بالإحراق أو شدة الصوت. وبناؤها أن يكون صفة لقصفة الرعد ، أو للرعد ، والتاء إما للمبالغة ، كما في الراوية بمعنى كثير الرواية للشعر وغيره ، أو مصدر كالعافية والكاذبة.
وقوله : ( حذر الموت ) نصب على العلة ، أي : يضعون أناملهم في آذانهم لخوف أن يموتوا بهذه الأصوات الشديدة الهائلة لأجل الصواعق ، أو بالإحراق. والموت زوال الحياة. وفي الكشاف : «الموت فساد بنية الحيوان ؛ وقيل : عرض لا يصح معه إحساس معاقب للحياة» (1). فهو يضادها ، لقوله : ( خلق الموت والحياة ) (2). ورد بأن الخلق بمعنى التقدير ، والأعدام مقدرة.
( والله محيط بالكافرين ) لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط ، لا يخلصهم الخداع والحيل. والجملة اعتراضية لا محل لها.
ولما ذكر الرعد والبرق على ما يؤذن بالشدة والهول فكأن قائلا قال : فكيف
صفحہ 75