444

فسكتوا ، فأنزل الله تعالى فيهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية.

ففي شأنهم قوله عز وجل : ( إن الذين كفروا بآيات الله ) من كتبه المنزلة وغيرها من الحجج الهادية ( لهم عذاب شديد ) بسبب كفرهم ( والله عزيز ) غالب لا يمنع من التعذيب ( ذو انتقام ) لا يقدر على مثله منتقم. والنقمة عقوبة المجرم ، والفعل منه : نقم بالفتح والكسر. وهو وعيد جيء به بعد تقرير التوحيد ، والإشارة إلى ما هو العمدة في إثبات النبوة ، تعظيما للأمر ، وزجرا عن الإعراض عنه.

( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء (5) هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم (6))

( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) أي شيء كائن في العالم ، كليا أو جزئيا. وإنما قدم الأرض ترقيا من الأدنى إلى الأعلى ، ولأن المقصود بالذكر عدم خفاء ما اقترف فيها من الإيمان والطاعة والكفر والمعصية على الله تعالى ، وهو كالدليل على كونه حيا.

وقوله : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) أي : من الصور المختلفة المتفاوتة على أي صفة يشاء ، من قبيح أو صبيح ، ذكر أو أنثى ، طويل أو قصير ، كالدليل على القيومية ، والاستدلال على أنه عالم بإتقان فعله في خلق الجنين وتصويره.

( لا إله إلا هو ) إذ لا يعلم غيره جملة ما يعلمه ، ولا يقدر على مثل ما يفعله ( العزيز الحكيم ) إشارة إلى كمال قدرته وتناهي حكمته ، وتنبيه على كون عيسى مصورا في الرحم ، ويخفى عليه ما لا يخفى على الله ، فكيف يكون ربا كما زعم أهل وفد نجران؟!

صفحہ 449