216

ولما بين سبحانه حالهم في إنكارهم التوحيد ، وإذعانهم عليه اتخاذ الأولاد ، عقبه بذكر خلافهم في النبوات ، وسلوكهم في ذلك طريق التعنت والعناد ، فقال : ( وقال الذين لا يعلمون ) أي : جهلة المشركين. قيل : المتجاهلون من أهل الكتاب. ونفي العلم عنهم ، لأنهم لم يعملوا به ، فكأنهم لا يعلمون ( لو لا يكلمنا الله ) هلا يكلمنا كما يكلم الملائكة وكلم موسى؟ أو يوحي إلينا بأنك رسوله ( أو تأتينا آية ) حجة على صدقك. والأول استكبار ، والثاني جحود أن ما آتاهم آيات الله ، استهانة به وعنادا.

( كذلك قال الذين من قبلهم ) من الأمم الماضية ( مثل قولهم ) حيث اقترحوا الآيات على موسى وعيسى فقالوا : أرنا الله جهرة ، هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؟ ( تشابهت قلوبهم ) قلوب هؤلاء ومن قبلهم في العمى والعناد ، كقوله : ( أتواصوا به ) (1).

( قد بينا الآيات ) يعني الحجج والمعجزات التي يعلم بها صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآلهوسلم ( لقوم يوقنون ) أي : يستدلون بها من الوجه الذي يجب الاستدلال به ، فأيقنوا أنها آيات يجب الاعتراف بها ، والاكتفاء بوجودها عن غيرها. أو يوقنون الحقائق ، لا يعتريهم شبهة ولا عناد. وفيه إشارة إلى أنهم ما قالوا ذلك لخفاء في الآيات ، أو لطلب مزيد يقين ، وإنما قالوه عتوا وعنادا.

ثم بين تأييده نبيه محمدا بالحجج ، وبعثه بالحق ، فقال : ( إنا أرسلناك بالحق ) متلبسا به ، أو مؤيدا به ( بشيرا ) من اتبعك بالثواب الأبدي ( ونذيرا ) من خالفك بالعقاب السرمدي ، فلا بأس عليك إن أصروا وكابروا ، ولا يجب عليك أن تجبرهم على الإيمان. وفي هذه تسلية له صلى الله عليه وآلهوسلم ، لئلا يضيق صدره بإصرارهم على الكفر.

صفحہ 221