( تلك أمانيهم ) إشارة إلى الأماني المذكورة ، وهي : أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم ، وأن يردوهم كفارا ، وأن لا يدخل الجنة غيرهم ، أي : تلك الأماني الكاذبة أمانيهم. والجملة اعتراض. والأمنية أفعولة من التمني ، كالأضحوكة والأعجوبة.
( قل هاتوا ) هلموا أحضروا ( برهانكم ) حجتكم البينة على اختصاصكم بدخول الجنة ( إن كنتم صادقين ) في دعواكم ، فإن كل قول لا دليل عليه غير ثابت ، بل باطل. وليس هذا بأمر ، بل هو تعجيز وإنكار ، بمعنى أنه إذا لم يمكنكم الإتيان ببرهان يصحح مقالتكم فاعلموا أنه باطل فاسد.
وفي هذه الآية دلالة على فساد التقليد ، ألا ترى أنه لو جاز التقليد لما أمروا بأن يأتوا فيما قالوه ببرهان. وفيها أيضا دلالة على جواز المحاجة في الدين.
( بلى ) إثبات لما نفوه من دخول غيرهم الجنة ( من أسلم وجهه لله ) أخلص له نفسه ، بأن لا يشرك به غيره ، أو قصده. وقيل : وجه وجهه لطاعة الله. وقيل : فوض أمره إلى الله. وقيل : استسلم لأمر الله ، وخضع وتواضع لله ، لأن أصل الإسلام الخضوع والانقياد. وأصله (1) العضو المخصوص المعلوم ، تسمية باسم أشرف أعضاء النفس ( وهو محسن ) في عمله ( فله أجره ) الذي وعد له على عمله ( عند ربه ) ثابتا عنده لا يضيع ولا ينقص.
والجملة جواب «من» إن كانت شرطية ، وخبرها إن كانت موصولة. والفاء فيها لتضمنها معنى الشرط ، فيكون الرد بقوله : «بلى» وحده. ويحسن الوقف عليه.
ويجوز أن يكون ( من أسلم ) فاعل فعل مقدر ، مثل : بلى يدخلها من أسلم ،
صفحہ 214