200

وتمويه ، كالنفث في العقد ، ونحو ذلك مما لا يكون له حقيقة في الوجود ، بل محض التخيل والتمويه ، فيحدث بينهما عند سماعهما أو أبصارهما صنعة هذه الحيل النشوز والخلاف ، لا أن السحر له أثر في نفسه ، بدليل قوله : ( وما هم بضارين به من أحد ) أي : لا يلحقون بغيرهم ضررا ( إلا بإذن الله ) أي : بمشيئته ، لأنه ربما يحدث الله عنده فعلا من أفعاله ابتلاء منه ، وربما لم يحدث ، أو : إلا بعلمه ، فيكون على وجه التهديد.

( ويتعلمون ما يضرهم ) لأنهم يقصدون به العمل ، أو لأن العلم يجر إلى العمل غالبا ( ولا ينفعهم ) إذ مجرد العلم به غير مقصود ، ولا نافع في الدارين.

( ولقد علموا ) أي : اليهود ( لمن اشتراه ) أي : استبدل ما تتلوا الشياطين بكتاب الله تعالى. واللام موطئة للقسم. والأظهر أنها لام الابتداء علقت «علموا» عن العمل. ( ما له في الآخرة من خلاق ) من نصيب ( ولبئس ما شروا به أنفسهم ) ما باعوا به حظ أنفسهم ، حيث اختاروا التكسب بالسحر ، أو اشتروها به على ما مر ( لو كانوا يعلمون ).

إنما نفى العلم عنهم مع إثباته أولا على سبيل التوكيد القسمي ، لأن معناه : لو كانوا يعملون بعلمهم ، فجعلهم حين لم يعملوا به كأنهم منسلخون عن العلم. أو الذين علموا هم الشياطين. أو الذين خبر عنهم بأنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم والذين لم يعلموا هم الذين تعلموا السحر. أو الأول العلم الإجمالي بقبح العمل أو ترتب العقاب من غير تفصيل ، والثاني هو العلم التفصيلي بالقبح والعقاب الأليم والعذاب العظيم.

( ولو أنهم آمنوا ) بالرسول والكتاب ( واتقوا ) واتقوا الله بترك المعاصي ، كنبذ كتاب الله تعالى ، واتباع السحر وكتب الشياطين ( لمثوبة من عند الله خير ) هذا جواب «لو». وأصله : لأثيبوا مثوبة من الله خيرا مما شروا به أنفسهم ، فحذف الفعل ،

صفحہ 205