والمصر البلد العظيم. وأصله الحاجز بين الشيئين. وقيل : أراد به العلم ، وصرفه لسكون وسطه ، كنوح ولوط ، وفيهما العجمة والتعريف ، أو على تأويل البلد ، فما فيه إلا سبب واحد.
( فإن لكم ) في مصر ( ما سألتم ) من نبات الأرض. وقد تم الكلام هاهنا.
ثم استأنف حكم الذين اعتدوا في السبت ، والذين قتلوا الأنبياء ، فقال : ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) أحيطت بهم إحاطة القبة بمن ضربت عليه ، أو ألصقت بهم من ضرب الطين على الحائط والمسمار على الخشب ، أي : ألزموا الذلة إلزاما لا تبرح بينهم ، كما يضرب المسمار على الشيء ، مجازاة لهم على كفران النعمة. واليهود في غالب الأمر أذلاء ومساكين ، إما على الحقيقة ، أو على التكلف مخافة أن تضاعف جزيتهم.
( وباؤ بغضب من الله ) رجعوا به ، أو صاروا أحقاء بغضبه ، من : باء فلان بفلان إذا كان حقيقا بأن يقتل به ، لمساواته له. وأصل البوء المساواة.
( ذلك ) إشارة إلى ما سبق من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب ( بأنهم كانوا يكفرون ) بسبب كفرهم ( بآيات الله ) بالمعجزات التي من جملتها ما عد عليهم من فلق البحر وإظلال الغمام ، وإنزال المن والسلوى ، وانفجار العيون من الحجر ، أو بالكتب المنزلة كالإنجيل والقرآن ، وآية الرجم ، والآية التي فيها نعت محمد صلى الله عليه وآلهوسلم من التوراة.
( ويقتلون النبيين ) أي : وبأنهم يقتلون الأنبياء ، فإنهم قتلوا شعيا وزكريا ويحيى وغيرهم ( بغير الحق ) بغير جرم عندهم ، إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم ، وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى وحب الدنيا.
( ذلك ) إشارة إلى ما تقدم من الكفر والقتل ( بما عصوا وكانوا يعتدون ) بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله في كل شيء ، فإن العصيان والاعتداء سبب
صفحہ 159