زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة

بیبرس المنصوری الأمیر الدوادار d. 725 AH
156

زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة

زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة

اصناف

تاریخ

بالعساكر إلى الديار المصرية القى المقاليد اليه ووقف بين يديه واستمر على مناصحته وطاعته كما و كان مع أبيه وأرباب الوظائف على ما هم عليه فلم يستقم النظام الا قليلا من الأيام ثم فعلت الشبيبة أفعالها وصرمت من المملكة حبالها واتفق موت الأمير بدر الدين الخزندار بعد أيام يسيرة وعوجل بمحتومه ولحق بمخدومه فقيل انه مات حتف أنفه وقيل بل اغتيل حسدا على منصبه والله أعلم أي الحالين كان واستقر في نيابة السلطنة الأمير شمس الدين اقسنقر الفارقانيالظاهري أستاذ الدار وكان يباشر نيابة السلطنة بالديار المصرية عند سفر أستاذه إلى البلاد الشامية وكان حادا حازما فلما استتب له الحديث في النيابة والتقدم على تلك العصابة ضم اليه أقواما كان الملك الظاهر قد ألزمهم بيع نفوسهم له على الكبر فلم يمكنهم مخالفة ما أمره فاشتراهم رغم من ورثة مواليهم ومن ادعى أن له النظر عليهم فكان فيمن التف بأصحابه وانحاز الى جنابه شمس الدين اقوش قطليجا الرومي وسيف الدين قليب البغدادي وسيف الدين بيجو البغدادي وعلم الدين سنجر طردج وأسد الدين قراصقل وعز الدين مغان أمير شكار وسيف الدين بكتمر السلحدار وأمثالهم ثم أن الملك السعيد مالت به الأهواء وتقلبت به الآراء وقدم الأصاغر وأقصى الأكابر وكان سنه قد ناهز العشرين فكان يميل إلى أقرانه ومعاصري أسنانه ويسمع أقوالهم ويبسط آمالهم فلما وجدوا المقال قالوا ولما أصابوا فسحة في المجال جالوا وحشنوا له ابعاد الأمراء الكبار ونفوه عنهم غاية النفار حتى خطر بباله القبض عليهم والتطرق اليهم فأمسك الأمير شمس الدين سنقر الأشقر والأمير بدر الدين بيسرى وهما من أكبر الأمراء قدرا وأجلهم ذكرا و كانا جناحي والده اذا طار وساعديه ومساعديه في السر والاجهار وأخويه القريبين منه أن استقر أو سار ولما قبض عليهما دخل الأمير بدر الدين محمد بن بركة خان الى أخته والدة السلطان وقال لها ران ولدك هذا أساء التدبير واعتمد أسباب التدمير وأمسك مثل هؤلاء الأمراء وعول على الصغار الناقصي الآراء والمصلحة أن ترديه إلى الصواب لئلا يفسد نظامه وتقصر أيامه، فبلغ السلطان كلام خاله فبادر باعتقاله فقامت والدته عليه وعنفته على سوء فعله وبينت له استحكام جهله حتى أفرج عن الأمراء المذكورين وقد تمكنت العداوة من قلوبهم وسكنت البغضاء في صدورهم فاجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم وتذاكروا ما فعل بهم وقال بعضهم انخرج الى الشام وتخلي له البلاد، وقال البعض ولا نفعل بل نطلع اليه ونتحدث معه حديئا ممتعا ونصده عن هذه الفعال الذميمة، فاجتمعوا ليلة و كانت ليلة الخميس وطلعوا بكرة الخميس الى القلعة في مماليكهم وألزامهم وأجنادهم ومن انضم اليهم من الأمراء والعسكر والجند فامتلأ بهم الايوان بالقلعة والرحبة وأرسلوا اليه يقولون له وانك قد أفسدت الخواطر وغيرت عليك الضمائر وتعرضت إلى الأمراء الأكابر فاما أن ترجع عن ذلك والا كان لنا ولك شأن فلاطفهم وتنصل لهم من كل ما يكرههم وأرسل اليهم اربعة تشريفات جليلة للأمراء الكبار الأربعة فأبوا أن يلبسوها وقالوا نحن ما تكلمنا لأجل أنفسنا بل لأجل العسكر كله فكيف نلبس نحن دونهم وخواطرهم مغلثة فأعاد جوابهم بما أطاب قلوبهم وتقرر الصلح وحلف لهم أنه ما يريد بهم سوء ولا يبغي لهم شا وتولى أخذ اليمين منه الأمير بدر الدين الأيدمري فرضى الأمراء بذلك وانصرفوا واستقر الحال هنيهة.

صفحہ 163