باب القول في العدل
إن قيل: ما الدليل على أن الله تعال عدل حكيم؟
قلت: لأنه لا يحمل على الجور إلا الحاجة والجهل، وقد ثبت أنه تعالى عالم غني، فثبت أنه عدل حكيم؛ لأن من علم قبح القبيح وكان غنيا عنه لم يفعله أصلا شاهدا وغائبا.
فإن قيل: أفعال العباد منهم أو من الله تعالى؟
قلت: بل منهم؛ لأن الله تعالى أمرهم ببعضها، ونهاهم عن بعضها، وهو لا يأمرهم ولا ينهاهم عن فعله؛ لأنه تعالى عدل حكيم.
فإن قيل: ما الدليل على أنه لا يقضي إلا بالحق؟
قلت: لأن المعاصي باطل، والقضاء بالباطل قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح، وقد قال تعالى:((والله يقضي بالحق)).
فإن قيل: ما الدليل على أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بذنبه، ولا يثيبه إلا بعمله؟
قلت: لقوله تعالى:((فكلا أخذنا بذنبه))، ولقوله تعالى: ((وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)).
فإن قيل: ما الدليل على أن الله تعالى لا يكلف أحدا من عبيده ما لا يطيقه؟
قلت: لأن تكليف ما لا يطاق قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح، ولقوله تعالى: ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها)).
فإن قيل: ما الدليل على أن الله تعالى لا يحب الظلم، ولا يريد الكفر، ولا يرضى الفساد؟
قلت: لأن ذلك جميعه راجع إلى الإرادة، وإرادة القبيح قبيحة، والله تعالى لا يفعل القبيح على ما تقدم إثباته.
فإن قيل: لم قلت: إن الألم من الله تعالى، ولم قلت: لا بد عليه من العوض؟
قلت: لأن الألم على ذلك الوجه خارج عن مقدور العباد، فلا فاعل له إلا الله سبحانه، والله تعالى غني عن ظلم العباد وعالم بقبح ...، وغني عنه، فلا بد عليه من العوض.
فإن قيل: ما الدليل على أن القرآن كلام الله تعالى؟
قلت: لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله كان يدين به ويخبر به، وهو صلى الله عليه [وآله] لا يدين إلا بالحق، ولا يخبر إلا بالصدق؛ لكونه رسول عدل حكيم.
صفحہ 3