ولا يخفي عليك أصول هذه المسألة، والله الموفق.
القاعدة الثالثة والسبعون
قاعدة: "الفاء" تدل على الترتيب وعلى التعقيب مثل: تزوج فولد له، وعلى السببية كقوله تعالى: (فوكزه موسى فقضى عليه) .
إذا علمت هذا، فمن فروع هذه القاعدة: إذا قال: له علي درهم فدرهم، لزمه درهمان، جزم به في "الوجيز"، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنت طالق فطالق، طلقت طلقتين، جزم به في "المقنع".
القاعدة الرابعة والسبعون
قاعدة: "الألف" المفردة تأتي حرفا ينادى به القريب كقول الشاعر:
مهلا بعض هذا التدلل
وذكر ابن الخباز عن شيخه أنها للمتوسط، وأن الذي للقريب "يا" وتكون للاستفهام، وتكون للاستنكار.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا كان اسم امرأته "سلمى"، واسم امرأة أخرى "سلمى"، فقال: أسلمى أنت طالق، فإن أراد امرأته طلقت، وإن أراد الأجنبية لم تطلق وإن ادعاه دين. وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين.
ومنها: إذا قال: أسلمى، فأجبته امرأة أخرى له، فقال: أنت طالق، يظنها المناداة، طلقتا في إحدى الروايتين، والأخرى تطلق التي ناداها. وإن قال علمت أنها غيرها، وقال: أردت طلاق المناداة، طلقتا معا، وإن قال: أردت طلاق الثانية، طلقت وحدها.
ومنها: إذا لقي اجنبية فظنها امرأته، فقال: أسلمى أنت طالق، طلقت امرأته. جزم به في "الوجيز"، وأطلق في المحرر روايتين. وكذلك حكم العتق.
ومنها: إذا قال لزوجته وهي في بلاد بعيدة عنه: أفاطم أنت طالق، طلقت، وكذا العتق، وهو مخالف للقاعدة.
ومنها: إذا قال: أقف، أو أطلق، أو أعتق، لم يصر وقفا بذلك، ويعتق بذلك، ولا تطلق، والله أعلم.
ومنها: إذا أخبر أنه تطلق زوجته، وكان الخبر منها، فآتاها، فقال: أنت طالق، لم تطلق بذلك، وكذا في العتق، لأنه لفظ استنكار.
القاعدة الخامسة والسبعون
قاعدة: "إذن" حرف، وقيل اسم، وعلى الأول فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة قال سيبويه: "معناها الجواب والجزاء"، وقال الفارسي: "وقد تتمحض للجواب"، والأكثر على الأول، قاله ابن هشام في "المغني" إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قيل له: تطلق امرأتك؟ فقال: إذن، أو قالت له طلقني؟ فقال: إذن، فالذي ينبغي أن تكون من كنايات الطلاق الخفية، يقع بها ما نواه.
وكذا إذا قال لعبده: أنت حر إذن، فإنه يعتق بلا خلاف فيه.
فإن قال لزوجته: إنت طالق إذن، طلقت أيضا.
ولا يخفى عليك ما يتعلق بهذه القاعدة من الفروع، والله الموفق.
القاعدة السادسة والسبعون
قاعدة: "ام" تكون متصلة كقول الشاعر:
ما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء
وتكون منقطعة كقوله تعالى: (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين، أم يقولون افتراه) . وتكون زائدة كقوله: (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين) وتكون للتعريف كقول النبي ﷺ: "ليس من أمبر أمصيام في أمسفر" إذا علمت هذا، فيتفرع على القاعدة فروع: منها: إذا قال: أنت حرم أم طالق، فإن نوى بهذا الطلاق، فالظاهر أنه كناية فيه، وإن لم ينو به الطلاق لم يقع شيء. وإن قال لعبده: أنت حر أم عبد، لم يعتق به، والله أعلم بالصواب.
ومنها: إذا قال: أنت طالق أم هذه، فالظاهر أن هذا اللفظ تخيير لا يقع به الطلاق، فإن نوى طلاق الأولى وقع، وإن نوى طلاقهما معا وقع. ويحتمل أن نقل: لما قال للأولى: أنت طالق وقع، فلما قال أم هذه، فالثاني لغو، ويقع بالأولى.
ومنها: إذا قال: أنت طالق أم لا، لم يقع الطلاق، كما صرح به أكثر الأصحاب، ويحتمل أن يقع.
القاعدة السابعة والسبعون
قاعدة: "اي" - بالكسر والسكون - حرف جواب بمعنى "نعم"، و"أي" - بالفتح السكون - حرف نداء للقريب أو البعيد أو المتوسط - على خلاف فيه - قال الشاعر:
ألم تسمعي أي عبد في رونق الضحى ... بكاء حمامات لهن هدير
1 / 27