============================================================
حاتم، أي في أواخر القرن الثالث تحديدا، وهو الزمن المرجح لكتابة هذا العمل، لا فرقتان؛ الأولى فرقة "الطيارة" من العليائية، ممن يزعمون أن المخلوقات الأخرى غير الإنسانية أمم سابقة مسخت في صورة حيوانات. وقد شرح أبو حاتم رأيهم قائلا إن الإنسان "إذا صفا وانتقل من هذا الجسد طار، فصار مع الملائكة . وهؤلاء يقال لهم الطيارة" . وتورد المصادر الشيعية الكثير من تفاصيل اعتقاداتهم . والفرقة الثانية هي الإمامية، قبل تأثرها بالاعتزال، ممن كانوا يعتقدون بالرجعة عند نهاية العالم. وقد كان الجيل الأول من متكلمي الإمامية يعتقدون بالرجعة، ويروي لهم المؤرخون نوادر كثيرة في هذا السياق(1). وقد ألف واحد من أشهر متكلمي الإمامية، وهو الفضل بن شاذان، كتابين في الرجعة، أحدهما عنوانه "إثبات الرجعة" ، والثاني "كتاب الرجعة" (2) . هذا فضلا عن ردوده على القرامطة والغلاة وغيرهم من المخالفين. ومن هنا نستطيع القول إن كتاب "الرجعة" هذا كتب في أواخر القرن الثالث، قبل "الزينة"، وقد بدأ بعرض فكرة الرجعة بدءا بالسبئية وانتهاء بالإمامية في مرحلة ما قبل تأثرها بالاعتزال.
أما كتاب "الجامع" الذي تكرر ذكره في المصادر الحديثة نقلا عن "فهرست" ابن النديم، فالأرجح أنه لا وجود لمثل هذا الكتاب، وأن نص ابن النديم في الأصل كان وصفا لكتاب "الزينة" : "كتاب جامع فيه فقه وغيره" . والمقصود أن كتاب الزينة كتاب موسوعي ينطوي على معلومات لغوية وأدبية وفقهية وتاريخية.
غير أن ناشري الفهرست في الطبعات المتداولة هم الذين أضافوا "أل" التعريف، لا فسموا الكتاب إلى كتابين. وقد انتبه أحد قراء مخطوطة بغداد المحدثين إلى هذا خيالية أدبية صدرت في كتاب منسوب إلى أبي مخنف، غير أن لغتها تدل على أنها مكتوبة بالعامية العراقية في أوائل القرن الرابع، حين استولى الفاطميون على مصر. وفيها لا يتعرض المختار الثقفي للقتل على يد مصعب بن الزبير، بل يظل حيا حتى عصر المهدي. وحين كان يتجول في شوارع الكوفة، يقف أمام دكان عطار، فتلقي عليه امرأة يهودية طبق رحى، فترديه تيلا . ولهذه الرواية مخطوطات في الهند وإيران وألمانيا .
(1) انظر مثلا النادرة بين أبي حنيفة وشيطان الطاق لدى ابن النديم ص 219، ورجال النجاشي ص 326.
(2) رجال النجاشي ص 307، ومعالم العلماء ص 81.
صفحہ 30