============================================================
وروى حماد بن زيد عن ابن عوف(1) عن ابن سيرين، قال: قال عمر بن الخطاب: كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه(2). فجاء الله بالإسلام، فلما كانت الفتوح، واطمأنت بالعرب الأمصار، وراجعوا رواية الشعر، فلم يؤولوا الى ديوان مدون، ولا كتاب مكتوب، وألفوا ذلك(3)، وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل، فحفظوا بعضا، وذهب عنهم كثير منه(4) .
وقال أبو عمرو بن العلاء: ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرا(5)، لجاءكم شعر وعلم كثير(2).
فكان سبيل الشعراء في الجاهلية، على ما قاله أبو عمرو، كانوا بمنزلة الأنبياء فيهم، لأن العرب لم يكن في أيديهم كتاب يرجعون إليه، ولا حكم يأخذون به .
وكان الشعر عندهم علما لا علم فوقه، على نحو ما ذكره عمر بن الخطاب.
فالتجأوا إليه، لما وجدوا فيه من الحكمة، ولما رأوا أن الشعر قد عمل في قلوب الملوك والأشراف من الاهتزاز للعطايا السنية، بهز الشاعر إياهم ومدحه لهم(7) ولما فعل في أنفس أهل البأس والنجدة في الحرب، وطلب الأوتار، بتحريض الشاعر(8)، وفي قلوب أهل الكرم من الوفاء بالجوار، وإجارة الملهوفين، وفي قلوب أهل النخوة والأنفة من الخضوع والانقياد وغير ذلك. فإن للشعر في هذه الأسباب آثارا بينة وفعلا ظاهرا. وقد قال حبيب بن أوس: [الطويل] ولولا خلال سنها الشعر ما درى بغاة الندى من أين تؤتى المكارم(5) (1) هكذا في الأصول وطبقات ابن سلام: ابن عوف. وفي المعارف لابن قتيبة ص 487 : هو عبد الله بن عون بن أرطبان.
(2) طبقات ابن سلام ص 10 . وفي م وأخواتها: علم أعلم منه، وصححت في ب في الهامش.
(3) هكذا في ب والطبقات ، وفي ه: فاكتفوا ذلك . وفي م : واكفتواذلك.
(4) طبقات ابن سلام ص 10 ، بتصرف قليل.
(5) في ب: وافى، وفي ه: وافر.
(6) طبقات ابن سلام ص 10.
(7) لهم: سقطت من ب.
(8) في ب هنا زيادة: إياه.
(9) ابن قتيبة: فضل العرب والتنبيه على علومها ص 152، وديوان أبي تمام 179/3 .
صفحہ 121