فإني أجتاز في أرض مصر هذه الليلة وأضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم، وأصنع أحكاما بكل آلهة المصريين. أنا الرب، ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها، فأرى الدم وأعبر عنكم، فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر.
فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الأسير الذي في السجن وكل بكر بهيمة. وكان صراخ عظيم في مصر، لأنه لم يكن بيت ليس فيه ميت.
حينئذ رنم موسى وبنو إسرائيل هذه التسبيحة للرب، وقالوا، أرنم للرب فإنه قد تعظم ... الرب قوتي ونشيدي ... الرب رجل الحرب.
ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلا: أنا الرب الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تضع لك تمثالا منحوتا ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن؛ لأني أنا الرب إلهك، إله غيور، أفتدي ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي.
لا تصنعوا معي آلهة من فضة ولا تصنعوا لكم آلهة من ذهب، ولا مذبحا من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقاتك وذبائح سلامتك غنمك وبقرك.
يصحو أحمد الدامهيري في منتصف الليل، يقرأ كتب الله الثلاثة، يبدأ بالتوراة، ثم الإنجيل، ثم القرآن. يتململ ضميره داخل صدره، يكره صورة الرب وصوته، رجل حرب وقتل وخراب، ودم مراق في كل الأرض، يقتص من ذنوب الآباء في الأبناء في الأطفال الأبرياء. جسده يرتعد بالخوف، يظن أن الله سوف يسحقه كما سحق فرعون وعبيده، سوف يهجم عليه في سريره القمل والبق والبعوض والجراد والضفادع، والصراصير والخنافس. منذ طفولته يخاف هذه الحشرات، لا يستطيع أن ينام في غرفة واحدة مع بعوضة أو صرصار، كان يسمع أمه تصرخ حين ترى صرصارا يجري فوق الأرض، أو جرادة تدخل من النافذة وتحلق حول رأسها، تطلق صرخة حادة فينتفض جسده من فوق السرير ويسقط إلى الأرض، تحمله فوق صدرها تهدهده، تهدئ روعه: ما تخافش يا حبيبي، أنا معاك يا حبيبي، مش عارفة رينا بعث لنا كل الصراصير دي منين؟ كل الناموس ده ليه؟ مع إني رشيت البيت كله بالفليت والديدي تي والتوكس؟
يسقط أحمد الدامهيري في النوم، يرى أهل مصر ينتصرون على الله في معركة الجراد والصراصير والبعوض: لم يكن الرب قد اكتشف المساحيق القاتلة للحشرات، لكن أهل مصر كانت لهم حضارة عريقة قديمة، بنوا الأهرامات والمسلات، اكتشفوا علوم الطب والفلك والهندسة، اشتغل بنو إسرائيل في بيوتنا نحن المصريين خدما وعبيدا، هذا الكتاب التوراة كله أكاذيب.
سمع أبوه يقول وهو طفل: تم تحوير التوراة يا ابني، اختلط فيها كلام الله بكلام البشر، لكن القرآن هو كلام الله مائة في المائة، ليس فيه تحوير ولا تزوير. دولة إسرائيل قامت على الكذب والخداع والقتل، وإراقة الدماء، الشعب في فلسطين يتعرض للإبادة يا ابني. دولة من القتلة، هي التي تستحق الإبادة وليس نحن المصريين، كان يمكن أن نلقي بإسرائيل في عرض البحر لولا قوة الاستعمار الأجنبي التي تساندها يا ابني؟ - هل قوة الاستعمار أقوى من قوة ربنا يا أبي؟ - لا يا ابني، ربنا فوق الجميع لكن ربنا غضبان علينا يا ابني. - غضبان ليه ربنا علينا يا بابا؟
يصحو أحمد الدامهيري من النوم ناسيا أحلامه، وأسئلة الطفولة. ينسى وجه أمه ووجه أبيه، لا يبقى في ذاكرته إلا وجهها، زينة بنت زينات، إن أطل وجهها من فرجة بين السحب تتلاشى كل الوجوه الأخرى بما فيها وجه الرب. تنقشع السحابة السوداء الجاثمة فوق المدينة، كأنما وجهها قطعة من الشمس، عيناها نجمتان تلمعان في الأفق، تبعثان في جسده النشاط، في روحه البهجة والأمل. يقفز من السرير بحركة سريعة، يضع نفسه تحت مياه الدش الغزيرة، يدلك صدره وبطنه، تندفع شحنات من الدم الدافئ إلى قلبه، يحس الدقات المتسارعة تحت ضلوعه يحسها تحت كفه، يردد مع النبض اسمها، زينة بنت زينات، زينة بنت زينات. يرتدي البدلة الأنيقة الجديدة، يحلق الشعر فوق وجهه، الشاربين واللحية.
ما علاقة الشعر فوق الجسد بالإيمان في القلب؟ يهمس له إبليس.
نامعلوم صفحہ