الجمعة 2 من سبتمبر
استيقظ زيتون مبكرا ذلك الصباح وهبط إلى قاربه وانطلق يجدف حتى عبر الشارع قاصدا إطعام الكلاب، وعند اقترابه منها، سمعها تصدر أصواتا خافتة كالنشيج فسرها على أنها تعبير عن الراحة والامتنان، وصعد الشجرة ومشى بحرص على اللوح الخشبي إلى المنزل على اليمين وزحف من الشباك، وألقى شريحتين كبيرتين من اللحم للكلاب وملأ إناء شرب الماء لهما، وأثناء انهماكهما في الطعام خرج من النافذة وسار بحرص إلى سقف المنزل المجاور ثم دخله، لإطعام الكلبين الآخرين. كانا ينبحان ويهزان الذيل فألقى قطعتين من لحم الضأن لهما وملأ الإناء بالماء، وخرج من النافذة وهبط إلى قاربه وانطلق.
قال في نفسه إن الوقت حان ليرى ما حدث لمبنى مكتبه، كان يقع على مسافة نصف ميل تقريبا، في شارع متفرع من طريق كارولتون، وهو طريق قريب تصطف على جانبيه المخازن، والمحال التجارية، ومحطات البنزين. كان الماء قد غدا قذرا، تشوبه قطرات الزيت وينتشر فيه الركام. وكان واثقا بأن كل من يخرج ليخوض فيه سيمرض وإن لم يكن رأى حتى هذه الساعة من النهار أي شخص في الماء، كانت المدينة يزداد خلوها من السكان، ويقل عدد الخائضين في الماء يوما بعد يوم، وكذلك عدد الوجوه المطلة من النوافذ، وعدد القوارب الخاصة التي تشبه قاربه.
كان الرذاذ يتساقط طول الصباح، ولكن هطول المطر اشتد الآن، وبدأت الرياح في الهبوب وساءت حالة الجو، واستمر زيتون يجدف عكس اتجاه الريح، مكافحا للتحكم في القارب، والرياح تثير الموج على سطح المياه الزرقاء البنية.
وتخطى شارع إيرهارت حتى دخل طريق كارولتون، وعبر طريق كارولتون في اتجاه الجنوب الغربي إلى شارع دبلن. كان يتوقع أن يجد بعض الناس في طريق كارولتون، مثل طريقي نابليون وسانت تشارلز، ما دام ذلك هو الطريق التجاري الذي يقصده، كما يقضي المنطق، طالبو سفن الإنقاذ أو السفن الحربية، ولكنه عندما اقترب منه لم يجد فيه أي فرد ذي صفة رسمية على الإطلاق.
لكنه شاهد مجموعة من الرجال في محطة بنزين «شل»، وهي تقع عبر الشارع في مواجهة مكتبه، كانت المحطة تقع على ربوة ولم يكن ارتفاع الماء فيها يزيد على أقدام معدودة، وكان الرجال الثمانية أو التسعة يحملون أكياس القمامة التي ملئوها بأشياء من مكتب المحطة ويضعونها في قارب معهم، كانت تلك أول حادثة يشهد فيها السلب والنهب منذ هبوب العاصفة، وكان ينطبق على هؤلاء الرجال وصف الذين حذرته كاثي منهم، وكانت هذه جماعة منظمة من المجرمين الذين استغلوا الفرصة، ولم يكونوا يأخذون فقط ما يحتاجونه للبقاء في قيد الحياة، كانوا يسطون على المال والبضائع من محطة البنزين، وقد احتشد منهم عدد كبير كان القصد منه، فيما يبدو، إخافة أي شخص، مثل زيتون، قد يشاهدهم أو يحاول إعاقتهم.
كان زيتون يبتعد عنهم بمسافة تكفي لمراقبته لهم دون خوف من الوصول إليه، أو من الوصول بسرعة إليه، على الأقل. ومع ذلك فقد أبطأ تقدم قاربه، محاولا أن يجد طريقة تمكنه من الذهاب إلى مكتبه دون المرور مباشرة بهم.
ولكن أحد الرجال كان قد لمحه، كان شابا يرتدي شورتا طويلا من الجينز، وقميصا أبيض دون أكمام، وبسط كتفيه تجاه زيتون قاصدا أن يريه مقبض مسدس كان يحمله في حزامه.
وأسرع زيتون بتحويل بصره عنه؛ إذ لم يكن يريد دعوته لمواجهة معه، وأدار وجهة القارب إلى الناحية الأخرى وبدأ انطلاقه إلى المنزل في شارع كليبورن؛ فقد قرر ألا يزور مكتبه اليوم للاطمئنان عليه.
وصل قبل الظهر إلى المنزل واتصل بكاثي. كانت لا تزال في منزل ماري بمدينة هيوستن .
نامعلوم صفحہ