170

ونفى ذلك موضحا أن الألم استجد عليه.

وقالت: «إذن لا بد أن يفحصك طبيب.»

فسألها عن السبيل إلى ذلك.

قالت إن عليه أن يملأ استمارة يشرح فيها مرضه، وعندما يفحصها الطبيب سوف يقرر إن كان يحتاج إلى العلاج أو لا. وأعطته الممرضة الاستمارة وتابعت سيرها في العنبر.

وملأ زيتون الاستمارة، وعندما عادت في طريق الخروج سلمها إليها.

وبعد العشاء تبادل زملاء زيتون في الزنزانة قص ما سمعوه من غيرهم من السجناء الذين قابلوهم، كان السجناء الذين وصلوا إلى سجن هنت في الأيام التي تلت العاصفة قد كابدوا أحوالا تستعصي على الفهم.

كان الآلاف منقولين من سجن نيو أورلينز العمومي، وكان من بينهم المحبوسون بتهمة السكر العلني، وبتهمة سرقة بعض السلع من المتاجر الكبرى، وغير ذلك من الجنح، وكانوا قد تركوا ثلاثة أيام فوق الجسر البري العلوي المقام فوق شارع «برود» في المدينة، كما نقل التليفزيون صورهم، بحر من الناس بحلل السجن البرتقالية جالسين فوق نهر الطريق المتسخ بالفضلات الآدمية والقمامة، ويحيط بهم الحراس حاملين بنادق أوتوماتيكية.

وعندما وصلت الأوتوبيسات أخيرا، نقل السجناء إلى سجن هنت، وبدلا من نزولهم داخل مباني السجن، سيقوا إلى استاد كرة القدم الملحق بالمبنى، واحتجزوا هناك ثلاثة أيام أخرى خارج المباني، دون أي مأوى يئويهم، وهكذا جمع آلاف السجناء معا، من القتلة والمغتصبين إلى المتهمين بقيادة السيارة تحت تأثير الخمر وصغار اللصوص، على أرض الاستاد المغطاة بالكلأ.

ولم تكن لديهم مراحيض، فكان السجناء يتبولون ويتبرزون حيثما استطاعوا، لم تقدم إليهم وسائد ولا ملاءات ولا أكياس للرقاد فيها ولا ملابس جافة، بل أعطي كل رجل بطانية واحدة خفيفة. ولما كانت المنطقة التي بني فيها سجن هنت مستنقعا قبل بناء السجن، فإن التربة كانت تنضح بالماء أثناء الليل، وأصبح الرجال ينامون على الطين، من دون ما يحميهم من قسوة الطبيعة، والحشرات، ومن بعضهم البعض؛ إذ وقعت حوادث طعن مضاعف، أثناء منازعات الرجال حول البطاطين.

وكانوا يحصلون على الماء من أنبوبين صغيرين خارجين من الكلأ، ويضطر الرجال إلى انتظار دورهم ويشربون في كفوفهم، وأما الطعام، فكان حراس السجن يتناولون السندويتشات فيعجنونها في شكل كرات يلقونها فوق سور الاستاد حتى تقع وسط السجناء، ومن استطاع منهم أن يلقف إحدى الكرات أكل، ومن استطاع الدفاع عن نفسه أكل، وكان كثيرون منهم لا يتناولون أي طعام .

نامعلوم صفحہ