الزيدية قراءة في المشروع وبحث في المكونات
الزيدية_قراءة في المشروع وبحث في المكونات
اصناف
* إنكار مبدأ الربوبية باعتبار أن ذلك القول عزل الله تعالى فعليا عن خلقه وحكما فإن عزل الله عن خلقه، يعني عزل الخلق عن الله تعالى، فلا يبقى أي معنى لكل أشكال اللجوء إلى الله تعالى. ولتوضيح الفكرة أكثر يمكن الإشارة إلى التعدد في الآراء حول علاقة الله تعالى بخلقه. يمكن القول بأن الكون فيه ثلاثة أمور أساسية: 1. المادة. 2. النظام. 3. الأفعال. هناك من يرى أن فعل الله تعالى محصور في إخراج أصل الكون من العدم إلى الوجود، أي ليس له إلا خلق المادة، وليس كل المادة، إنما المادة الأولى والتي منها نشأت بقية أشكال المواد. وقد اختلف أهل هذا الرأي حول الخلق الأول، وهو اختلاف ليس بذي أهمية، فأصل الفكرة لا علاقة لها بتحديد ذلك المخلوق الأول. وكلما بعد المخلوق الأول إنما نشأ من خلال ذلك الخلق الأول. يمكن اعتبار أن هذا الرأي يقول بأن الله تعالى اعتزل الكون بعد إنشائه، فهو "المحرك الأول". وأما النظام في الكون، أي القوانين التي تحكم التفاعلات الموجودة، وكذلك الأفعال التي تصدر عن المادة ضمن ذلك النظام، فهي كلها خارجة عن خلق الله تعالى. وبالتالي فكل مظاهر التدبير التي نشاهدها، وجميع ألوان الحكمة التي نراها، وجميع الخصائص المتنوعة للمادة، فليس الله تعالى مدبرها، ولا محكمها، ولا فاعلها. بخلاف هذه الرؤية، فهناك رؤية ترى أن الله تعالى خلق المادة، وخلق النظام، وأما الأفعال فمنها ما يصدر عن المادة ضمن النظام الذي وضعه الله، ومن الخصائص التي جعلها الله في المادة، أو عن الإرادة الحرة التي آتاها الله تعالى للأحياء العاقلة. ثم هناك رؤية ترى أن الله خلق الخلق والنظام، وكذلك الأفعال الصادرة عن النظام، وأيضا الأفعال المتعلقة بالإرادة. فليس لكل من المادة أو الإرادة أي تأثير، وإنما الله يفعل كل شيء. وعليه فقيمة النظام والإرادة شكلية هنا. الرأي الأول هو رأي المطرفية، ومنه يتضح القصد بأنه رأي يعزل الله عن خلقه، كما إنه ينفي التدبير. الرأي الثاني للزيدية، وهو يثبت النظام، ويثبت تأثيره، ولكنه يرى أن الله تعالى هو الذي خلق النظام، وهو الذي خلق القدرة التأثيرية الموجودة في المادة. والرأي الثالث للأشعرية وهو يرى أن لا تأثير مطلقا إلا لله تعالى، فينفي القدرة التأثيرية في المادة كما ينفي القدرة التأثيرية للإرادة الإنسانية. مما سبق يظهر لنا موقع قولهم بين الأقوال. أما موقف الإمام عبدالله بن حمزة، فقبل تأييده أو تخطئته، لا بد أولا من إدراك آثار قول المطرفية على علاقتنا بالله تعالى، وتصورنا لربوبيته عز وجل. هذا من جهة. ومن جهة أخرى لا بد من تقييم حجم نحو ذلك القول في تلك الفترة من الإسلام، وفي تلك البيئة. ذلك أن نحو هذا القول قد لا يجده البعض مسوغا للقتال وذلك إما لكثرة ما قد شاع اليوم من أنواع الكفر بالله والإلحاد به عز وجل. وإما لعدم تمييزنا بين القول بالسببية والذي قال به أئمة أهل البيت، وبين إنكار الربوبية والذي دعت إليه المطرفية، وإن لم تكن مدركة لذلك. وفي كل الأحوال، فالإمام مجهتد يخطئ ويصيب.
صفحہ 98