التمثل فكري تارة، وسلوكي تارة أخرى. فكري: بأن نعرف تلك الحقيقة، ونعيها. فنشهد لله تعالى بما شهد لنفسه، وبما شهد له ملائكته وأولو العلم به{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}[آل عمران:18] .فهو الإله الواحد الذي لا إله سواه، الذي له كل صفات الكمال والجلال ومنزه عن كل صفات النقص. وهو القائم في خلقه بالعدل. ونعي أننا راجعون إليه ومعنا كل ما تحملناه من متاع الحياة الدنيا لنرى تلك الأعمال بنفسها{ليروا أعمالهم}[الزلزلة:6]، ولكن نراها من وجهة أخرى، هي وجهتها الحقيقة{إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا}[النساء:10] فأكل الأموال في الدنيا بغير حق صار نارا في البطون يوم لقاء الأعمال. سلوكي: بتمثل ألوهية الله تعالى فيما بيننا وبينه، وفيما بيننا وبين أنفسنا. فتمثل الألوهية فيما بيننا وبينه جل جلاله يكون أولا بالإقرار والرضا عن تلك الحقيقة، وبحب الله جل وعلا، وبإخضاع إرادتنا له. هو إخضاع تلقائي، لا تكلف فيه، متى كان ناشئا عن تمثل تام لتلك الألوهية، ولكنه في أوله إخضاع إرادي اختياري ناشئ من تقدير الإنسان بوجوب نحو ذلك الخضوع لمن كان على نحو تلك الصفات.
صفحہ 46