فاحمل يا أخي ندرة، غير مأمور، هذه الرسالة التي حثثت على إذاعتها، ومددت إلى بعثها يدك البيضاء.
فعسى أن تجدد إيمان المشككين، وتشدد الركب المخلعة، فيستعيد هذا الشرق الجميل المعشوق مجده الضائع وتراثه المغتصب.
26 / 6 / 1946
مارون عبود
كلمة ...
ضع محل هذه النقط النعت الذي تريده، فأنا قد حلفت أن لا أكتب مقدمة لكتاب من كتبي، وأبيت أن أستجدي المقدمات ولو من أفلاطون، وامتنعت عن أن أقدم شاعرا أو كاتبا إلى القارئ، وسواء عندي أكان قد خمل ذكره أم طار صيته حتى اختفى خلف الغيوم.
أعود فأقول لك هذه كلمة لا مقدمة، إنها كلمة أريد أن «أعترف» لك بها، فأطلعك في هذا الديوان على نزعاتي كلها، بل على دخيلة نفسي، حتى على «الأسرار» المكتومة منها.
وبعد، فاعلم يا عزيزي - رعاك الله وحفظني وحفظك - أن ديواني هذا ليس سلة مشمش «لأوجهها» لك، فلا أنا بائع ولا أنت شار، لا يا أخي، إن هذا الديوان رسالة ... عفوا! هو فكرة عشت بها زمنا رغدا، وما زلت أحن إليها، وأنا على هواها. حالي معها كحال الرجل مع صاحبته، قد تتنكر له، وقد يجفوها، ولكنهما في الحالين، حال الرضا والغضب، واليسر والعسر، حبيبان، ودودان، متيمان، مولهان، ولولا ذلك لم يتشاكسا، أؤكد لك أني لم «أحرد» يوما كاملا، أي لم تغرب الشمس على غضبي؛ ولهذا ها أنا أضع بين يديك الكريمتين قصائدي، كما قلتها في وقتها، لم أحكك ولم أنقح إلا في قصائد معلومات، وأنت - لا شك - تعرفهن بلا عناء، إن سيماءهن في وجوههن.
فبعض القصائد التي ترى، لك أن تسميها خطبا - إذا شئت - استخدمت لتؤدي فكرة ثائرة كانت تتقد في نفسي ولما تزل، ففيها الشعر وفيها النثر، وأنا أعرف منها ما ستعرف أنت، ولكنها في كل حال تقضي لبانة من تعرض وصله.
فإليك إذن، مارون الشاعر في كل أطواره، بعجره وبجره، كما كانوا يعبرون، فارتع - آجرك الله وأجزل ثوابك - في هذه الجنة الغناء، ولك أن تقول فيها بعدئذ ما شئت.
نامعلوم صفحہ