شرح إرشاد الأذهان
صفحہ 1
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
صفحہ 2
وهي في اللغة بمعنى النمو، والطهارة، والصلاح (1)، قيل: ومن الأول قوله تعالى: {ذلكم أزكى لكم وأطهر} (2) وقوله تعالى: {تطهرهم وتزكيهم بها} (3) بناء على ترجيح التأسيس على التأكيد (4). وأما الثاني فكثير (5). وأما (6) الثالث قوله تعالى: {خيرا منه زكاة وأقرب رحما} (7).
وفي الشرع، أو عند أهله - على ما عرفه الأكثر -: قدر مخصوص يطلب إخراجه من المال بشروط مخصوصة (8).
وعن المبسوط: أنه إخراج ذلك القدر (9)، وعن الفائق أنها من
صفحہ 3
الألفاظ المشتركة بين العين والمعنى، كلفظ الذكاة في قوله عليه السلام: " ذكاة الجنين ذكاة أمه " (1) واستشهد له بقوله تعالى: {والذين هم للزكاة فاعلون (2)} (3) وفي التنظير بلفظ ذكاة نظر، فإن الظاهر أن لفظ الذكاة لم يستعمل في العين أصلا، وفي الاستشهاد منع (4) كون الزكاة هنا بمعنى التزكية. والأولى التنظير بلفظ الصدقة والاستشهاد بقوله تعالى: {وأوصاني بالصلاة والزكاة} (5) إن لم يحمل على العمل الصالح.
ثم المعنى الشرعي مناسب للمعاني اللغوية الثلاثة، لأن الزكاة ينمي المال وينمو ثوابه، ويطهره عن الخبث الحاصل من وجود الشبهة فيه، ومن الرذالة الحاصلة فيه عند المنع، وصاحبه عن إثم المنع ورذيلة الشح، ويصلح المال والعمل والنفس، كل ذلك مستفاد من الأخبار (6).
ثم إن المذهب قد استقر على عدم وجوب حق في المال سوى الزكاة المالية والفطرة، وربما يحكى عن ظاهر كلام الصدوق رحمه الله ما يستفاد من كثير من الأخبار: من وجوب حق يفرضه الرجل على نفسه في كل يوم أو أسبوع أو شهر على قدر وسعه (7). ولكن من نظر في تلك الأخبار بعين الاعتبار
صفحہ 4
يقطع (1) بسياقها مساق الاستحباب، بل لا يبعد ذلك أيضا في كلام الصدوق.
نعم حكي عن الشيخ في الخلاف (2): وجوب حق الحصاد مدعيا عليه الاجماع والأخبار، ونفى عنه البعد المرتضى رحمه الله (3) للآية (4) والأخبار الكثيرة (5).
والأقوى استحباب ذلك أيضا كما سيجئ في زكاة الغلات إن شاء الله تعالى (6).
" و " تحقيق مطالب هذا الباب يتوقف على " النظر في أمور ثلاثة ": (7)
صفحہ 5
الأول: في زكاة المال
صفحہ 7
" وفيه مقاصد " المقصد " الأول:
في شرائط الوجوب ووقته " و " إنما تجب على العاقل البالغ لحر المالك للنصاب المتمكن من التصرف، فلا زكاة على الطفل " في نقديه إجماعا إلا ما يظهر من ظاهر إطلاق ابن حمزة (1) وهو محمول أو شاذ لاستفاضة حكاية الاجماع، ورواية الأخبار على خلافه (2)، مع كفاية الأصل في المقام.
وقد يستدل: بأنها تكليف منفي عن الصبي، وفيه: أن الخطاب حينئذ (3) للولي كالاستحباب إذا اتجر بماله.
ثم إن ظاهر أخبار المسألة مثل قوله عليه السلام: " ليس على مال اليتيم
صفحہ 9
زكاة " (1) هو عدم تعلق الزكاة بهذا العنوان، فلا يجري في الحول ما دام كونه مال اليتيم نظير قوله عليه السلام: " ليس على المال الغائب صدقة، ولا على الدين صدقة حتى يقع في يديك " (2)، وغير ذلك من العنوانات التي نفى الشارع الزكاة عنها، فلا يكفي بلوغه في آخر حول التملك بلا خلاف ظاهرا.
وما في الكفاية: من الاشكال في حكم المتأخرين باستئناف الحول عند البلوغ (3)، في غير محله.
نعم قد يستدل للمشهور ربما دل على اعتبار حول الحول على المال في يد المالك (4)، والصغير ليس له يد. وفيه ما لا يخفى، فإن تلك الأدلة تدل على اعتبار التمكن من التصرف في مقابل الغائب والمفقود والمغصوب، ولا ريب أن تمكن الولي كتمكن الوكيل، ولذا تجب الزكاة على السفيه إجماعا، وتستحب الزكاة في غلات الطفل ومال تجارته بل ومواشيه - مع اعتبار الشروط كلا في الزكاة المستحبة كالواجبة - فكل (5) من الصغر والجنون مانع مستقل غير العجز عن التصرف كما لا يخفى.
وقريب منه في الضعف، التمسك برواية أبي بصير: " ليس في ماله اليتيم زكاة، ولا عليه صلاة، وليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة، وإن بلغ (6) فليس عليه لما مضى زكاة، ولا عليه لما يستقبل زكاة حتى يدرك، فإذا أدرك
صفحہ 10
كان عليه زكاة (1)، ثم كان عليه مثل ما على غيره من الناس.. الحديث " (2) بناء على أن الموصول في قوله : " لما مضى " يشمل الأحوال المتعددة، والحول الواحد إلا أياما (3): إذا الظاهر أن المراد بالموصول: الزمان المستقبل في استحباب الزكاة لولا الصغر، لا مطلق الزمان الماضي، ولذا يقبح أن يقال: ليس عليه - لليوم الماضي، أو للشهر الماضي - زكاة، فالمراد: الحول الذي هو السبب في إيجاب الزكاة لولا المانع.
" ولا " تجب أيضا " على المجنون مطلقا " لا في نقديه، ولا في غيرهما " على رأي " سيجئ تقويته.
وإطلاق العبارة كغيرها، بل المحكي عن جميع الأصحاب من المفيد إلى زمان المصنف قدس سره: عدم التعرض للمطبق وذي الأدوار منه، وصرح المصنف في التذكرة وغيرها على ما حكي: بأنه يستأنف الحول (4) حين الإقامة (5)، ولعله لما ذكرنا: من أن المستفاد من النصوص الآتية والفتاوى النافية للزكاة في مال المجنون أن هذا العنوان لا تتعلق به الزكاة، كمال الغائب، والدين، والمفقود، وغيرها مما لا تتعلق به الزكاة بمعنى عدم ملاحظة شروط الزكاة فيه، فلا يجري في الحول ما دام كذلك، مع أن ظاهر كلام أصحاب من اشتراط وجود الشرائط طول (6) الحول كالصريح في ذلك، وبذلك يندفع نظير ما يقال في الطفل: من أنه لا مانع من توجه الخطاب إليه بعد الإفاقة والبلوغ، نعم يتوجه هذا في المغمى عليه، حيث إنه لم يرد دليل على عدم تعلق الزكاة بمال المغمى عليه حتى يلحق
صفحہ 11
بالمجنون كما عن المصنف قدس سره في التذكرة وغيرها (1).
وربما يستدل بأنه غير متمكن من التصرف، وفيه نظر، فالحكم بالسقوط فيه مشكل، ولذا اختار عدمه في المدارك (2) والكفاية (3).
وأما النائم والساهي وشبههما فالظاهر: عدم منعهما ابتداء واستدامة وإن خرجا عن المعتاد.
" ويستحب لمن اتجر بمالهما " أي الصبي والمجنون " بولاية لهما اخراجها " عند اجتماع شروط زكاة (4) التجارة، بلا خلاف أجده في الطفل. وعن المعتبر وغيره: الاجماع عليه (5)، لأخبار كثيرة ظاهرها كعبارة المقنعة (6): الوجوب، إلا أن الكل محمول على الاستحباب، بقرينة الأخبار الصريحة في نفي الوجوب، مضافا إلى ما سيجئ من استحباب زكاة التجارة على البالغين، وفاقا لما صرح به المفيد رحمه الله (7) وهو دليل على إرادته هنا : الاستحباب المؤكد، كما حمله عليه الشيخ في التهذيب (8).
وحمل تلك الأخبار على التقية لا ينافي إرادة الاستحباب، لأن التقية تتأدى بظهور الكلام في الوجوب الذي هو مذهب المخالفين [في مال التجارة] (9)،
صفحہ 12
وإرادة الاستحباب بقرينة خارجية.
وبما ذكرنا يظهر ضعف ما حكي عن الحلي (1)، والمدارك (2) من عدم الاستحباب.
والمراد بالطفل هو المولود إلى أن يبلغ، فلا يصدق على الجنين، مضافا لي دعوى الاجماع في الإيضاح (3) على عدم ثبوت الحكم - هنا - للحمل قبل الانفصال.
ثم إن الخسارة الحاصلة من التجارة على اليتيم، للأصل وقاعدة عدم ضمان المأذون والمحسن، ورواية الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع - وهو غير موثق، لكن له كتاب يرويه (4) ابن مسكان - قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل في يده مال لأخ له يتيم، وهو وصيه، أيصلح له أن يعمل به؟ قال: نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما، قال: قلت: فهل عليه ضمان؟ قال: لا إذا كان ناظرا له " (5)، خلافا للمحكي عن جماعة (6) من تضمين الولي، لاطلاق بعض الأخبار (7) المقيد بصورة عدم الولاية، أو تقصير الولي.
ويستفاد من الرواية وغيرها، جواز أخذ الولي الأجرة [خلافا للمحكي عن الحلي (8)] (9).
صفحہ 13
وأما المجنون فالمشهور أيضا الاستحباب في مال تجارته، بل عن المعتبر (1)، والمنتهى (2): أن عليه علماءنا أجمع.
ويدل عليه صحيحة ابن الحجاج: " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
امرأة من أهلنا مختلطة، لها مال، عليها زكاة؟ قال: إن كان عمل به (3) فعليها زكاة، وإن لم يعمل به فلا " (4).
ومثلها خبر موسى بن بكر: " قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة، ولها في يد أخيها مال؟ فقال عليه السلام: إن - كان أخوها يتجر به فعليه زكاة (5) " (6).
والكلام في كون الربح للمجنون والخسران عليه، كما تقدم في الصبي.
" وإن اتجر " بمال الطفل أو المجنون متجر " لنفسه " بأن نقل المال إلى نفسه بناقل كالقرض " و " نحوه فإن " كان وليا مليا، فالربح له " (7) لأنه نماء ملكه، كما أن الخسران " والزكاة المستحبة عليه " بلا خلاف في ذلك كما ذكره غير واحد، ولا إشكال بعد فرض جواز نقل مال الطفل إلى الولي الملي بالاقتراض ونحوه، والمعروف جوازه وإن لم يكن فيه مصلحة لليتيم، للأخبار الكثيرة:
صفحہ 14
منها صحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام: " في رجل ولى مال يتيم، أيستقرض منه؟ قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره " (1).
ونحوها رواية أخرى حاكية لاستقراضه عليه السلام (2) ظاهرة في إرادة بيان الجواز الذي هو محل حاجة السائل دون مجرد الحكاية.
ورواية منصور الصقيل: " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مال اليتيم يعمل به؟ قال: إذا كان عندك مال وضمنته فلك الربح وأنت ضامن للمال، وإن كان لا مال لك وعملت به فالربح للغلام وأنت ضامن [للمال] " (3).
وما عن الكافي، عن البزنطي، عن أبي الحسن عليه السلام: " قال سألته عن الرجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج إليه فيمد يده فيأخذه وينوي أن يرده؟
فقال: لا ينبغي له أن يأكل إلا القصد، ولا يسرف، فإن كان من نيته أن لا يرده [عليهم] فهو بالمنزل الذي قال الله عز وجل: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما.. الآية} (4).
وخالف في ذلك الحلي، فقال - فيما حكي عنه -: " إنه لا يجوز للولي التصرف في مال الطفل إلا بما يكون فيه صلاح المال، ويعود نفعه إلى الطفل دون المتصرف فيه، وهذا الذي تقتضيه أصول المذهب " (5) ويظهر ذلك من المحكي عن المبسوط أيضا، قال: ومن يلي أمر الصغير والمجنون خمسة: الأب
صفحہ 15
والجد ووصي الأب والجد والإمام عليه السلام (1) ومن يأمر الإمام - ثم قال: - فكل هؤلاء الخمسة لا يصح تصرفهم إلا على وجه الاحتياط والحظ (2) للصغير، لأنهم إنما نصبوا لذلك، فإذا تصرف فيه على وجه لاحظ فيه كان باطلا، لأنه خلاف ما نصب له (3) (انتهى).
ويؤيد ذلك: أن نقل المال إلى الذمم معرض للتلف بالاعسار أو الانكار أو الموت أو غير ذلك مما يغلب على الاحتمالات القائمة في صورة بقاء العين، ولذا يظهر من المسالك (4) في باب الرهن: التردد في جواز اقتراض الولي مال الطفل، ثم حكى عن التذكرة (5): اشتراط جواز الاقتراض بالمصلحة مضافا إلى الولاية والملاءة.
وكيف كان فالقول بالمنع، وإلحاق اقتراض الولي لنفسه بإقراضه لغيره - الذي اتفقوا ظاهرا على أنه لا يجوز مع المصلحة - قوي، إلا أن العمل بتلك الأخبار المجوزة المنجبرة بما حكي لعله أقوى.
وربما يدعى الجواز بناء على أن أصل جعل المال في ذمة الولي الملي مصلحة، فيجوز.
وفيه نظر ظاهر، ولذا منعوا من جواز إقراض الولي إياه لغيره وإن كان غنيا (6) إلا مع خوف التلف ونحوه (7).
صفحہ 16
ثم المراد بالملاءة ما تضمنته رواية أسباط بن سالم - المروية في الكافي -:
" قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كان لي أخل هلك فوصى إلى أخ أكبر مني، وأدخلني معه في الوصية، وترك ابنا له صغيرا وكان له مال، أفيضرب به أخي فما كان له من فضل سلمه لليتيم وضمن له مال؟ فقال: إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم إن تلف فلا بأس به، وإن لم يكن له مال فلا يعرض لمال اليتيم " (1).
وفي رواية أخرى لأسباط: " إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم إن تلف أو أصابه شئ غرمه له، وإلا فلا يتعرض لمال اليتيم " (2).
وفيها دلالة على أن الغرض من اعتبار المال المحيط هو تعجيل الغرامة له عند التلف، وإلا فأصل الغرامة تجب على المتصوف المعسر أيضا عند الأيسار، وحينئذ فيمكن القول بالاكتفاء في الملاءة بمجرد الاطمئنان بتحقق الغرامة عند التلف ولو بسبب كونه وجيها يقرضه الناس، أو يرهنون له عند من يقرضه، أو يطمئن بحصول الهدايا أو الزكوات أو الأخماس له ونحو ذلك، ولعل إليه يرجع ما عن المبسوط (3) والنهاية (4) من أن المراد بالملاءة: أن يكون متمكنا في الحال من ضمانه، ولكن عن جماعة: اعتبار أن يكون له مال بقدر مال الطفل، (5) وزاد في المسالك (6): كونه فاضلا عن المستثنيات في الدين.
والأولى: التقييد بقابلية المال لوجوب الغرامة منه، ليخرج مع المستثنيات الممنوع من التصرف منه شرعا أو عقلا أيضا .
" ولو فقد " المتجر من شرطي الولاية والملاءة " أحداهما " فإن كان الأول " كان ضامنا "، لحرمة التصرف في مال الغير بغير الولاية الشرعية المفروض
صفحہ 17
فقدها في المقام، فيلزمه الضمان، لأدلة ضمان اليد العادية.
ولو كان في التصرف مصلحة وتعذر استئذان الولي، ففي الكفاية (1): لا يبعد الجواز.
قلت: أما الجواز مع الاضطرار إلى التصرف المذكور فمما لا ريب فيه، لأنه ولي حينئذ، لعموم ما دل على جواز التصرف مع المصلحة من الكتاب والسنة، خرج صورة التمكن من الرجوع إلى الولي لأدلة ولايته، بل الظاهر أن هذا مما لا خلاف فيه.
وأما الجواز مع عدم الاضطرار - الذي هو مراد الكفاية ظاهرا، ووافقه في المناهل (2) حاكيا له عن جده رحمه الله في شرح المفاتيح (3) - ففيه إشكال:
من عموم الكتاب والسنة المستفيضة في عموم جواز التصرف مع المصلحة، ومن أن ظاهر الأصحاب انحصار التصرف في الولي كما اعترف به في شرح المفاتيح، على ما حكي.
ويؤيده ما تقدم من رواية أبي الربيع (4) المتقدمة الدالة بمفهموها على الضمان إذا لم يكن المتجر ناظرا لليتيم، إلا أن يحمل النظارة فيها على النظر في المصلحة والمداقة فيها، في مقابل المسامحة والتقصير.
ويؤيده أن مورد الرواية كون العامل وصيا فلا معنى للتفصيل بين الوصي وغيره، اللهم إلا أن يرجع إلى التفصيل بين كونه وصيا على الطفل وغيره، أو يكون الشرط مسوقا لبيان علة الحكم، يعني: أنه حيث فرض كون العامل ناظرا لليتيم فلا ضمان عليه.
وأما حكم الربح وزكاة التجارة فتوضيحه: أن العامل إما أن يكون قد
صفحہ 18
اشترى بعين مال الطفل، أو بالذمة (1) ودفع مال الطفل عوضا عما في ذمته، فإن اشترى بالعين وأجاز ولي الطفل فالربح له، ويخرج العامل عن الضمان سواء كان الشراء لنفسه أو للطفل، إذ لا فرق في قابلية صرف العقد إلى المالك بين قصد العاقد نفسه أو المالك، كما صرح به جماعة في عقد الفضولي.
وإن لم يجز الولي فمقتضى قاعدة الفضولي: بطلان المعاملة إلا إذا فرض المصحلة في البيع وجوزنا التصرف مع المصلحة، وتعذر استئذان الولي، فإن العقد حينئذ يقع لازما يقدح فيه رد الولي بعد الاطلاع، إلا أن يكون تيسر استيجار الولي كتيسر استئذانه، فيقع العقد معه موقوفا.
وكيف كان فإجراء أحكام الفضولي متجه، إلا أن ظاهر كثير من الروايات إطلاق الحكم بكون الربح لليتيم والخسران على العامل كما هو ظاهر المصنف وغيره، ففي صحيحة زرارة - المروية عن الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام -: " قال ليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به، فإن اتجر به ففيه الزكاة والربح لليتيم وعلى المتاجر ضمان المال " (2).
ورواية سعد السمان: " ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به فإن اتجر به فالربح لليتيم، وإن وضع فعلى الذي يتجر به " (3).
فإن الحكم فيها بثبوت الزكاة في مال اليتيم مع التجار قرينة على وقوع الشراء له، والحكم بالضمان قرينة على عدم ولاية التاجر، فدل بإطلاقه على ثبوت الربح لليتيم بمجرد تجارة غير الولي، وتقييدهما (4) بما إذا أجاز (5) الولي
صفحہ 19
بعيد، وتطبيق مسألتي الربح والخسران على قاعدة الفضولي دونه خرط القتاد.
واختصاص الروايتين بصورة وقوع الشراء للطفل لا يقدح، مع عدم القول بالفصل واتحاد طريق المسألتين بعد فرض صحة العقد في نفسه، سواء قصد المالك أو قصد نفسه.
ومما يؤيد عدم ابتنائه على مسألة الفضولي حكم الحلي في محكي السرائر (1) وفخر الاسلام في حاشية الإرشاد (2): بكون (3) الربح هنا لليتيم مع حكمهما ببطلان معاملة الفضولي (4) تبعا للشيخ في المبسوط (5)، وابن زهرة (6)، وظاهر الحلبي (7)، بل والقول الآخر للشيخ في الخلاف في كتاب النكاح (8) حيث إن ظاهره هناك بطلان الشراء الفضولي، وإن صحح البيع الفضولي.
وعلى القول بالتوقف على الإجازة، فهل يجب على الولي الإجازة مع ظهور الربح؟ وجهان: من أنه عرفا تفويت للمنفعة فهو في قوة فسخ العقد الخياري الذي فيه المصلحة، بل هذا أولى مما حكي عن المصنف قدس سره في نكاح التذكرة (9) من وجوب بيع متاع الطفل إذا طلب بزيادة وشراء الرخيص له، وهو الموافق لبعض نسخ القواعد على ما عن جامع المقاصد في باب الحجر (10).
صفحہ 20
ومن عدم الدليل على وجوب فعل الأصلح للطفل، وتمام الكلام في محله.
ولو اشترى في الذمة ودفع مال اليتيم عما في الذمة، فمقتضى القاعدة:
صحة المعاملة لنفسه (1) سواء قصد عند المعاملة دفع مال اليتيم عما في الذمة، أو اتفق ذلك بعد المعاملة، وحينئذ فالربح له والزكاة المستحبة عليه، وعليه ضمان مال اليتيم.
لكن قد يقال: إن ظاهر الأخبار (2) الحاكمة بثبوت الربح لليتيم، والخسارة على العامل، يشمل هذه الصورة، فإن الاتجار بمال اليتيم وإن كان حقيقة في الاتجار بالعين إلا أنه عرفا يصدق على الاتجار بما في الذمة مع قصد دفع مال اليتيم عوضا، فترى الأعرف يطلقون: إن فلان يتجر بما في يده أو بمال فلان، مع أنه لا يقع منه إلا الاتجار بما في الذمة إذا عزم على دفع المال عنه، بل قلما يتفق معاملة بالعين، بل لو وقعت في السلعتين يخصونها باسم المعاوضة دون البيع، ومن هنا استجود سيد مشايخنا (3) إلحاق هذه الصورة بصورة الشراء بالعين بعد ما حكى عن جده قدس سره في شرح المفاتيح (4): أنه الأظهر.
وقد يقال: إن هذه الأخبار - على فرض شمولها - ليس الخروج عن القاعدة بها أولى من العكس، بل العكس أولى.
وفيه: إنه إن أراد التكافؤ بين الأخبار والقاعدة من جهة النسبة، فلا يخفى أن النسبة وإن كانت بالعموم من وجه إلا أن تقييد هذه الأخبار بالشراء بالعين
صفحہ 21
تقييد بالفرد النادر.
ودعوى: عدم نهوض هذه الأخبار لتخصيص مثل هذه القاعدة الثابتة بالأدلة القطعية، ممنوعة بإمكان رفع اليد عنها بالأخبار الكثيرة المعتضدة بإطلاق فتاوى جماعة كالمصنف والمحقق (1) ونحوهما، كما خرجنا بها عن قاعدة الفضولي في الصورتين السابقتين، مع إمكان أن يقال: إن العامل إذا قصد ابتداء دفع مال الغير فكأنه أوقع العقد عليه ابتداء، فعدم قصد دفع الكلي (2) إلا في ضمن هذا الفرد بمنزلة المعاوضة على هذا الفرد، ومن هنا قد يستقرب اطراد هذا الحكم في غير مال الصغير وتعديته إلى كل مال قصد عند العقد دفعه عما في الذمة بدون رضى مالكه، ويدل عليه مضافا إلى أخبار مال اليتيم روايات:
منها: ما عن الكليني بسند فيه إرسال، عن أبي حمزة الثمالي: " قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الزكاة تجب علي في موضع لا يمكنني أن أؤديها؟ قال:
اعزلها، فإن اتجرت بها فأنت لها ضامن، ولها الربح، وإن نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها (3) في تجارة فليس عليك، فإن لم تعزلها فأتجرت بها في جملة مالك فلها تقسيطها من الربح ولا وضيعة عليها " (4).
ومنها: رواية مسمع بن يسار " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني كنت استودعت رجلا مالا فجحدنيه، وحلف لي عليه، ثم إنه جاءني بعده بسنين بالمال الذي كنت استودعته إياه، فقال: هذا مالك فخذه، وهذه أربعة آلاف درهم ربحتها في مالك، فهي لك مع مالك، اجعلني في حل، فأخذت المال منه وأبيت أن آخذ الربح منه، وأوقفت المال الذي كنت استودعته وأتيت حتى أستطلع رأيك،
صفحہ 22