فإنْ تكُ ليلى قدْ جفتْني وطاوعَتْ ... علَى صرمِ حبلي من وشى وتكذَّبا
لقدْ باعدتْ نفسًا عليها شفيقةً ... وقلبًا عصى فيها الحبيبَ المُقرَّبا
فلستُ وإنْ ليلى تولَّتْ بودِّها ... وأصبحَ باقي الوصلِ منها تقضَّبا
بمُثْنٍ سوى عُرفٍ عليها ومُشمتٍ ... وُشاةً بها كانوا شهودًا وعيَّبا
ولكنَّني لا بدَّ أنِّيَ قائلٌ ... وذو اللُّبِّ قوَّالٌ إذا ما تعتَّبا
فلا مرحبًا بالشَّامتينَ بهجرِنا ... ولا زمنٍ أمسى بنا قدْ تقلَّبا
وقال معاذ ليلى:
فلوْ كانَ واشٍ باليمامةِ دارهُ ... وداري بأعلى حضرموتَ اهتدى لِيا
وماذا لهمْ لا أكثرَ اللهُ خيرهُمْ ... منَ الحظِّ في تصريمِ ليلى حِباليا
وقال بعض الأعراب:
أما والرَّاقصاتِ بذاتِ عِرْقٍ ... ومنْ صلَّى بنُعمانِ الأراكِ
لقدْ أضمرتُ حبَّكِ في فؤادي ... وما أضمرتُ حُبًّا من سواكِ
أطعْتِ الآمريكِ بصرمِ حبْلي ... مُريهِمْ في أحبَّتهمْ بذاكِ
فإنْ همْ طاوعوكِ فطاوعيهِمْ ... وإن عاصوْكِ فاعصَيْ منْ عصاكِ
وقال ابن الدمينة:
ديارُ الَّتي هاجرتُ عصرًا ولِلهوى ... بقلبي إليها قائدٌ ومُهيبُ
لِتسلمَ من قولِ الوُشاةِ وإنَّني ... لهُمْ حينَ يغتابونَها لَذنوبُ
أُمَيْمُ بقلبي من هواكِ زُمانةٌ ... وأنتِ لها لوْ تبذلينَ طبيبُ
أُميمُ لقدْ غيَّبْتني وأرَيْتني ... بدائعَ أخلاقٍ لهنَّ ضروبُ
ولبعض أهل هذا العصر:
لئنْ رقدَ الواشي سرورًا بما رأَى ... وهانَ عليهِ أنْ يقرَّ وأنصبا
لقدْ أسهرَ العينينِ منِّي صبابةً ... وغادرَ قلبي مُستهامًا معذَّبا
عدمتُ الهوَى إنْ كنتُ عاشرتُ وافيًا ... سواكَ وقد طوَّفتُ شرقًا ومغربا
فإنْ لمْ تدعْ ما لا أُحبُّ تظرُّفًا ... ولا راعيًا عهدِي فدعهُ تَحوَّبا
وأنشدني أحمد بن يحيى:
هجرتُ فلمَّا أنْ هجرتُكَ أصبحتْ ... بنا شمَّتًا تلكَ العيونُ الكواشحُ
فلا يفرحِ الواشونَ بالهجرِ ربَّما ... أطالَ المحبُّ الهجرَ والجيبُ ناصحُ
وتغدو النَّوى بينَ المحبّينِ والهوَى ... معَ القلبِ مطويٌّ عليهِ الجوانحُ
وأنشدتني منيرة العصبية:
ما كانَ ذاكَ الهجرُ منِّي عنْ قِلًى ... لا والَّذي رفعَ السَّما وبناها
إنِّي لَيَثنيني الحياءُ وأنثنِي ... وأصدُّ بعضَ مودَّتِي اسْتبقاها
وإذا المناضلُ لم يكنْ متثبِّتًا ... يبقَى مواقعَ نبلهِ أفناها
وقال آخر:
وتحسبُ ليلى أنَّني إنْ هجرتُها ... حذارَ الأعادِي أنَّما بي هونُها
ولكنَّ ليلى لا تفي بأمانةٍ ... فتحسبُ ليلى أنَّني سأَخونُها
وبي مِنْ هواها الدَّهرَ ما لوْ أبثُّهُ ... جماعةَ أعدائِي بكتْ لِي عيونُها
وقال رجل من أزد:
فويحَكُما يا واشييْ أمِّ معمَّرٍ ... لمنْ وإلى مَنْ جئتُما تشيانِ
لعلَّكما إنْ تُخبراني قليتُها ... وأطعمتُها عندِي لها بهوانِ
بنفسيَ مَنْ لوْ أستطيعُ أتيتُهُ ... سريعًا ومَنْ لو يستطيعُ أتانِي
ومَنْ لو أراهُ عاتبًا لفديتُهُ ... ومَنْ لو رآنِي عاتبًا لفدانِي
وقال الأقرع بن معاذ القشيري:
ألا أيُّها الواشي بليلَى ألا ترَى ... إلى مَنْ تَشِي بي أوْ بمنْ جئتَ واشِيا
لعمرُ الَّذي لمْ يرضَ حتَّى أُطيعهُ ... بليلَى إذنْ لا يصبحُ الدَّهرَ راضِيا
إذا نحنُ رُمنا هجرَها ضمَّ حبَّها ... ضميرُ الحشا ضمَّ الجناحِ الخَوافيا
وقال آخر:
كأنَّ عائبكمْ يُبدي محاسنكمْ ... يأتِي ليُنقصكمْ عندِي فيُغريني
ما فوقَ حبِّيكِ حبٌّ لستُ أعلمهُ ... فما يضرُّكِ ألاَّ تستَزِيدي
وقال البحتري:
يملأُ الواشِي جَنانِي ذُعرًا ... ويُعنِّيني الحديثُ المختلقْ
حبُّها أوْ فرَقٌ من هجرِها ... وصريحُ الحبِّ ذُلٌّ أوْ فرَقْ
وقال حباب بن ملك العبشمي:
الحمدُ للهِ ما زالَ الوُشاةُ بِنا ... من غيرِ مقْليةٍ حتَّى هجرْناها
الحمدُ للهِ قد كنَّا ولو نزلتْ ... منَّا بأبعدَ من هذا لَزُرناها
1 / 46