نوالًا كرجعِ الطَّرفِ أعجلَهُ القذى ... وضنًّا كضنِّ الجفنِ بالأعيُنِ الرُّمدِ
فمنْ يكُ مشتاقًا إلى نُجحِ موعدٍ ... فها أنا مشتاقٌ إلى خلفِ الوعدِ
فلا خُلفَ إلاَّ بعدَ توكيدِ موعدٍ ... ولا وعدَ إلاَّ عن صفاءٍ منَ الوُدِّ
وقد قذفتْ نفسي أجلَّ حُظوظها ... لديكَ وفقدُ الحظِّ جُزوءٌ منَ الفقدِ
وقال آخر:
أوَجْدٌ علَى وجدٍ وأنتِ بخيلةٌ ... وقد زعموا أنْ لا يحبَّ بخيلُ
بلى والَّذي حجَّ المُلبُّونَ بيتَهُ ... ويُشفى الجوى بالنَّيلِ وهو قليلُ
وقال آخر:
يقرُّ بعيني أن أرى من مكانهِ ... ذُرى عُقُداتِ الأبرَقِ المُتقاودِ
وأنْ أرِدَ الماءَ الَّذي وردتْ بهِ ... سُليمى إذا ملَّ السُّرى كلُّ واحدِ
فأُلصقُ أحشائي بِبَردِ ترابهِ ... وإنْ كانَ مخلوطًا بسُمِّ الأساودِ
وقال آخر:
يقرُّ بعيني أن أرى كفَّةَ الغضا ... إذا ما بدتْ يومًا لعيني قِلالُها
ولستُ وإنْ أحببتُ من يسكنُ الغضا ... بأوَّلِ راجٍ حاجةً لا ينالُها
وقال جميل:
قد ماتَ قبلي أخو فهدٍ وصاحبُهُ ... مُرقِّشٌ واشتفى من عُروةَ الكمدُ
إنِّي لأحسبُ أوْ قد كدتُ أعلمُهُ ... أنْ سوفَ توردُني الحوضَ الَّذي وردوا
فما يضرُّ امرءًا أمسى وأنتِ لهُ ... أنْ لا يكونَ من الدُّنيا لهُ سندُ
وقال أيضًا:
يُكذِّبُ أقوالَ الوشاةِ صدودُها ... ويجتازُها عنِّي كأنْ لا أريدُها
وتحتَ مجاري الدَّمعِ منَّا مودَّةٌ ... تُلاحظُ سرًّا لا يُنادى وليدُها
رفعتُ عن الدُّنيا المنى غيرَ وُدِّها ... فما أسألُ الدُّنيا ولا أستزيدُها
وقال أيضًا:
منَ الخفِراتِ البيضِ أُخلِصَ لونُها ... تُلاحي عدوًّا لم تجدْ ما يعيبُها
فما مُزنةٌ بينَ السِّماكَيْنِ أوْ مضتْ ... منَ النُّورِ ثمَّ استعرضَتْها حبوبُها
بأحسنَ منها يومَ قالتْ وعندنا ... من النَّاسِ أوباشٌ يُخافُ شغوبُها
تعايَيْتَ فاستغنيتَ عنَّا بغيرنا ... إلى يومِ يلقى كلَّ نفسٍ حسيبُها
وددْتُ ولا تُغني الوَدادةُ أنَّها ... نصيبي منَ الدُّنيا وأنِّي نصيبُها
وقال آخر:
هلِ الله عافٍ عنْ ذُنوبٍ تسلَّفتْ ... أمِ الله إنْ لمْ يعفُ عنها يُعيدُها
وكُنَّا إذا دانتْ بذلفاءَ نيَّةٌ ... رضينا بدُنيانا فما نستزيدها
وقال أيضًا:
عاتبةٌ لم أغنَ عن وصلها ... يقتلُ في أجفانها السِّحرُ
إن نظرتْ قلتُ بها ذلَّةٌ ... أوْ خطرتْ قلتُ بها كِبرُ
أصبحتُ لا أطمعُ في وصلها ... حسبيَ أن يبقى ليَ الهجرُ
وقال آخر:
صدودكَ عنِّي إذْ أسأتُ يسرُّني ... ولم أرَ قبلي عاشقًا سُرَّ بالصَّدِّ
سُررتُ بهِ أنِّي تيقَّنتُ أنَّما ... دعاكَ إليهِ رغبةٌ منكَ في ودِّي
ولو كنتَ فيَّ زاهدًا لم تبالِ بي ... ولكنَّما عتبُ المحبِّ منَ الوجدِ
فيا فرحةً لي إذْ رأيتُكَ عاتبًا ... عليَّ لذنبٍ كانَ منِّي بلا عمدِ
وقال البحتري:
أخٌ ليَ لم تتَّصلْ نِسبتي ... بقُربى أبيه ولا أمِّهِ
تنكَّرَ حتَّى لأنكرْتُهُ ... خلا أنَّني عارفٌ باسمهِ
وما ليَ منهُ سوى رِقَّةٍ ... يُراحُ بها الشِّعرُ من فهمهِ
كذا المسكُ ما فيه مُستَمْ ... تَعٌ لمُتَّخذيهِ سوى شمِّهِ
وقال إبراهيم بن العباس:
منِّي الصِّبرُ ومنكَ اله ... جرُ فابلغْ بي مداكا
بعُدتْ همَّةُ عينٍ ... طمعتْ في أن تراكا
أوَ ما حظٌّ لعينٍ ... أن ترى من قد يراكا
أو ترى من قد رأى من ... قد رأى من قدْ رآكا
وقال بعض الأعراب:
أيا جبليْ نُعمانَ قلبي إليكُما ... مسرٌّ هوى مُستأنسٌ بلِقاكُما
كتمتُ جميعَ النَّاسِ وجدي عليكُما ... وأضمرتُ في الأحشاءِ منِّي هواكُما
دعا لكما قلبي الحنينُ وإنَّهُ ... ليُؤنسُ عيني أن ترى من يراكُما
وقال بعض الأعراب:
وإنَّ الَّذي أرضى بهِ من نوالِها ... عليها وإنْ ضنَّتْ بهِ ليَسيرُ
1 / 37