كل من مات مسلما ... ليس بالنار يحرق
قال إبراهيم بن أدهم ﵁: بينما أنا أمشي وإذا بامرأة على رأسها ميت والناس يرجمونه بالحجارة، فقلت لها: ما هذا منك؟ فقالت: ولدي وقطعة من كبدي كان يعصي الحق ولا يستحي من الخلق، فقلت لها: أنا أحمله معك، فحملته معها وحفرت له قبرًا وألحدته، فلما فرغت من دفنه لقنته قول لا إله إلا الله محمد رسول الله ت فلما فرغت من تلقينه، قالت: يا إبراهيم، توار عني، فتواريت خلف جدار، فقامت أمه وضمت القبرِ إلى صدرها ومرغت خديها عليه، وقالت: ليت شعري ما الذي لك؟ وما الذي قيل لك؟ ثم تركته وانصرفت عنه.
قال إبراهيم: فرجعت إليه وجلست عند قبره أقرأ فلحقني سنة من النوم، فرأيت شخصين قد جاءا إلى القبر وشقاه، ونزلا وأجلساه، ثم شم أحدهما عينه فقال: عين خائنة ما بكت قط من خشية الله تعالى، ثم ضم يده، فقال: يد مشومة وعن الخير مغلولة، ثم شم بطنه، فقال: بطن ملئت من الحرام ليس فيها شيء حلال، ثم شم فرجه، فقال: منهمك على معاصي الله تعالى، فقال أحدها لصاحبه: أي شيء نعمل؟ فقال: حتى أؤدي الرسالة، فغاب ساعة، ثم عاد وهو يقول: الحق ﷾ كريم غفر ذنبه العظيم، فقال له صاحبه: ماذا؟ قال: كما قلت للحق ﷾ وهو أعلم به: يا رب، رأينا منه كذا وكذا، فقال: هل شمما قلبه؟ قلت له: لا يا رب، فقال: فإن في قلبه موضع توحيدي، خلقي قطعوه وأنا وصلته، وهم آيسوه من رحمتي وأنا نظرت إليه برأفتي، فأوجبت له مغفرتي.
وقيل في المعنى شعر:
يا من إذا أبصرني معرضًا ... وليس فعلي عنده مرتضي
1 / 54