140

زهر الأداب وثمر الألباب

زهر الأداب وثمر الألباب - العلمية

ناشر

دار الجيل

پبلشر کا مقام

بيروت

التّقريب «١» إلا بعد الرياضة، وكان كالمهر الذى أطمع أوّل رياضته في تمام ثقافته. وقال الجمّال: البليغ من أخذ بخطام كلامه، فأناخه في مبرك المعنى، ثم جعل الاختصار له عقالا، والإيجاز له مجالا، فلم يندّ عن الآذان، ولم يشذ عن الأذهان. وقال المخنّث: خير الكلام ما تكسّرت أطرافه، وتثنّت أعطافه، وكان لفظه حلّة، ومعناه حلية. وقال الخمار: أبلغ الكلام ما طبخته مراجل العلم، وصفّاه راووق الفهم، وضمّته دنان الحكمة، فتمشّت في المفاصل عذوبته، وفي الأفكار رقّته، وفي العقول حدّته. وقال الفقاعى: خير الكلام ما روّحت ألفاظه غباوة الشكّ، ورفعت رقّته فظاظة الجهل، فطاب حساء فطنته، وعذب مصّ جرعه. وقال الطبيب: خير الكلام ما إذا باشر [دواء] بيانه سقم الشّبهة استطلقت طبيعة الغباوة؛ فشفى من سوء التفهم، وأورث صحة التوهّم. وقال الكحّال: كما أن الرمد قذى الأبصار، فكذا الشبهة قذى البصائر، فاكحل عين اللكنة بميل البلاغة، واجل رمص الغفلة «٢» بمرود اليقظة. ثم قال: أجمعوا كلهم على أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمسه، انكشف لبسه، وإذا صدقت أنواؤه «٣» اخضرت أحماؤه «٤» . فقر في وصف البلاغة لغير واحد قال أعرابى: البلاغة التقرب من البعيد، والتباعد من الكلفة، والدلالة بقليل على كثير.

1 / 158