والإنسان الشرقي هو الذي وجدت معه صنوف الآلات التي لم توجد مع إنسان في القارة الأوربية، فهو صاحب فضل في الاختراع الأول من أعرق الأصول.
وقد وجدت أصول الخيل والإبل في القارة الأمريكية، ولكنها لم تعرف كيف تستخدمها قديما حتى عادت إليها بعد كشفها الأخير.
ولا خلاف على فضل الشرق في مخترعات وادي النيل ووادي النهرين وشرق البحر الأبيض، فليس للغرب إذن أن يستطيل بدعواه من أجل مائتي سنة، وليس لنا نحن الشرقيين أن نستطيل عليه باحتقار المادة، ولا سيما في هذا الزمان، فإن أكثر ما نستطيل به من ذلك «قصر ذيل»، وحسبنا أننا سبقناه إلى العناية بالروحانيات وسبقناه إلى القدرة على الاختراع.
فإذا جاء الغد وكتب لنا أن ننقذ العالم بروحانية جديدة من حاضرنا أو ماضينا، فليقل يومئذ من شاء ما يشاء، وربما أغناه حسن الفعال عن حسن الثناء.
ومن الحضارتين إلى الكتلتين
ولا بد من حديث الكتلتين بعد كل كلام يدور على الشرق والغرب في هذه الأيام، فإنه المدار الذي ينطوي فيه العالم بما رحب، ويدور على عقبيه كما يدور إلى الأمام في طريق المستقبل المجهول.
ذلك حديث الصراع بين زعماء الشيوعيين بعد موت ستالين وما سيكون له من الأثر في علاقات الأمم وفي علاقات الحرب والسلم على التخصيص.
ولقد توسعت صحافة العالم في التعقيب على هذه الأحداث الخطيرة، وقلبت ما يعرض لها من الاحتمالات على جميع الوجوه من ناحية السياسة بين الدول الكبرى، فلا ننوي أن نعرض لها من هذه الناحية في هذا المقال.
ولكننا نراها أهلا للتعقيب الكثير، إذا نقلناها إلى ذلك المدار الواسع الذي يرتبط بتاريخ الإنسانية ومصير العقائد الاجتماعية في هذا الحين وبعد حين.
إن أحداث روسيا الحمراء تهدم مذهب كار ماركس من أساسه، ولا تدع منه إلا أنقاضا تلحق بما تقدم من آثار الهدم والانتقاض في تاريخ العالم.
نامعلوم صفحہ