ولكن عندما نظر فجر عينيه إلى عيني غابت جميع كواكب ليلي وصرت ميريام، ميريام فقط، امرأة ضاعت عن الأرض التي عرفتها ووجدت نفسها في أماكن جديدة.
ثم قلت له ثانية: هلم إلى بيتي وشاركني بخمرتي وخبزي.
فقال: لماذا تلحين على أن أكون ضيفك؟
فقلت: أتوسل إليك أن تدخل إلى بيتي. وكان كل ما بي من الأرض وكل ما بي من السماء يناجيه ويدعوه ويطلبه.
حينئذ نظر إلي، فأشرقت ظهيرة عينيه على روحي، وقال: إن لك كثيرين من المحبين، بيد أنني أنا وحدي أحبك، فإن بقية الرجال يحبون أنفسهم في قربك، أما أنا فأحبك في نفسك. إن بقية الرجال ينظرون فيك إلى جمال يذوي قبل انتهاء سنيهم، أما الجمال الذي أراه أنا فيك فإنه لن يزول، وفي خريف أيامك لن يخاف ذلك الجمال أن ينظر إلى ذاته في مرآة، ولن يقدر أحد أن يعيبه.
أنا وحدي أحب ما لا يرى فيك.
ثم قال بصوت واطئ: امضي في طريقك الآن، وإذا كانت هذه السروة لك ولا تريدين أن أجلس في ظلها، فأنا أيضا أسير في طريقي.
فتوسلت إليه بدموع قائلة: يا معلم، ادخل إلى بيتي. إن لدي بخورا أحرقه أمامك، وطستا من الفضة لغسل قدميك. أنت غريب ولكنك لست بالغريب؛ لذلك أتضرع إليك أن تدخل إلى بيتي.
في تلك اللحظة وقف ونظر إلي كما تنظر الفصول إلى الحقل وتبسم، وقال ثانية: إن جميع الرجال يحبونك لأجل ذواتهم، أما أنا فأحبك لأجل ذاتك.
قال هذا وسار في طريقه. •••
نامعلوم صفحہ