وأما الموضع الرابع: وهو فيما يلزم المكلف معرفته في هذه المسألة، فاعلم أنه يلزمه أن يعلم أن الله تعالى كان فيما لم يزل، ويكون عالما فيما لا يزال، وأنه عالم بجميع المعلومات على جميع الوجوه والتي يصح أن يعلم عليها فيعلم الشيء مجملا ومفصلا ومشروط وغير مشروط، ويعلم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، ولا يجوز خروجه عن هذه الصفة في حال من الأحوال، والدليل على ذلك يأتي إن شاء الله تعالى في فصل الكيفية.
المسألة الرابعة: أن الله تعالى حي، والكلام منها يقع في
أربعة مواضع:
أحدها: في جقيقة الحي والحياة والحيوان وكونه حيا، والفرق بين الحي والحيوان.
والثاني: في حكاية المذهب وذكر الخلاف.
والثالث: على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه المخالف.
والرابع: فيما يلزم المكلف معرفته في هذه المسألة.
الموضع الأول: وهو في حقيقة الحي والحياة والحيوان وكونه حيا، فحقيقة الحي هو المختص بصفة بكونه عليها يصح أن يقدر ويعلم.
قلنا: المختص بصفة تلك الصفة هي كونه حيا، قلنا: لكونه عليها أي لأجل اختصاصه بها، وقلنا: يصح أن يقدر ويعلم؛ لأن صفات الجملة التي يصححها كونه حيا تسع وهي كونه: قادرا، وعالما، ومريدا، وكارها، ومشتهيا، ونافرا، وظانا، وناظرا، ومدركا، وهي على ثلاثة أضرب:
منها: ما يعم جميع الأحياء في جميع الأوقات، وكونه قادرا وعالما.
ومنها: ما يختص بعض الأحياء في بعض الأوقات، وهي كونه قادرا وعالما.
ومنها: ما يختص بعض الأحياء في بعض الأوقات، وهي كونه مشتهيا ونافرا، وظانا وناظرا، فهذا لا يجوز على الله تعالى.
صفحہ 254