والثاني: أن نقول هو المختص بصفاته لكونه عليها يصح منه اتخاذ معلومه محكما وتحقيقا، أو تقديرا، فالتحقيق ما تعذر عليه مما يصح احكامه، والتقدير ما لا يقدر عليه، وما لا يصح فيه الاحكام غير أنه لو كان مقدورا له ويصح احكامه لأحكمه فقد احترزنا بهذا عن معلومه الذي لا يصح احكامه في نفسه مثل الذات الواحدة من مقدوراته، وهو الجوهر الفرد، وعن ما لا يقدر عليه ولا يصح احكامه نحو ذات القديم تعالى، وعن ما يصح احكامه في نفسه إلا أنه غير مقدور له، وأن علمه نحو كتابه غيره وسائر أفعاله، فإنه لا يصح منه احكام شيء من ذلك، ولكن لو قدرنا أنها مما يقبل الأحكام، وأنها مقدورة له لصح منه احكامها لعلمه، وهذا هو الذي أردنا بقولنا في الحد الأول ما يجري مجرى المنع، وحقيقة احكامه هو كل فعل حسن لفاعله فيه عرض صحيح، وحقيقة المحكم هو......المنتظم، حقيقة الاحكام هو إيجاد فعل عقيب فعل، أو مع فعل على وجه لا يتأتا من كل قادر لابتدائه.
قلنا: عقيب فعل، مثاله: الحرف بعد الحرف، أو مع فعل، مثل أن يوجد الله تعالى الفعل المحكم دفعة واحدة، وقلنا: على وجه لا يتأتى من كل قادر احتراز من ايجاد الحرف الواحد من الكتابة فإنه يمكن أن يقع من القادر على وجه لاتفاق، وإن لم يكن عالما ولا يدل على ذلك كونه عالما إلا أن لقائل أن يقول: إن هذا الحرف الواحد إذا وجد على هذه الصفة محكم، وفيه أحكام فلا يجوز اخراجه من الحقيقة، وإن كان لا يدل على أن فاعله عالم لما أمكن صدوره من غير العالم على وجه الانفاق بخلاف الأفعال الكثيرة فإنه لا يتفق فيها أن يوجد إلا من عالم، فالأولى أن يقال في الحد على وجه لا يتأتى من كل قادر الإبتداء به إلاعلى وجه البدور والاتفاق.
صفحہ 245