وكم يجدد أدهارا بأدهار!
أرفيوس ويورديس (كان أرفيوس ابن الملك إيجرس - ملك تراقيا - ذا مواهب خارقة في عزفه الموسيقي كأن في لوره صوت الألوهة، ولا غرو فقد كان ذلك اللور منحة من أبولو - إله الفنون والشعر خاصة - فاستطاع بقوته الخارقة أن يجتذب معشوقته يورديس الفاتنة من معتصمها الجبلي. ولكنه - ككل فنان أصيل - لم يكن راضيا عن نجاحه الفني، وتطلع إلى أقصى غايات الكمال، فكان يلجأ إلى الغاب يستوحي الطبيعة كل جديد جميل معتمدا على سمع زوجته يورديس، وعلى ذوقها الفني في نقده، وكانت هي ترى الخطر عليها في غيابه، ولكنها لم تشأ تثبيط همته حتى يبلغ مشتهاه الفني البعيد، إلى أن أحست أخيرا بالخطر الداهم من شغف الأمير أرستييوس بها فهربت إلى الغاب، وما أحس هذا هروبها حتى أخذ يطاردها، ولكن أفعى عضتها في قدمها أثناء جريها فوقعت ميتة. ورآها أرستييورس على هذه الحالة، فعاد يعض أصابع الندم ... ثم وفق أرفيوس إلى لحن رائع فعاد فرحا ليعزفه أمام زوجته، فإذا به يجدها شبه نائمة في طريقه، فحاول إيقاظها بلحنه الجديد الساحر، ولكنها لم تستيقظ، وحينئذ أدرك أنها ميتة، فهوى يقبل جسمها القدسي في جنون من الحزن ... ثم شعر أنه لا ملاذ له سوى الالتجاء إلى بلوتو وبرسفون، مليكي مملكة الموت؛ ليردا إليه حبيبته. فذهب في جنونه، وكل عدته لوره وألحانه الساحرة التي تأثر منها الصخر فتفتح لها، كما تأثر منها سربروس حارس مملكة الموت فلم يعترض سلوكه إلى داخلها، وتأثر منها بلوتو وبرسفون - ولكل منهما صلات سابقة بالأرض وغرامها - واستمعا إلى سؤله، وهو الرجوع بمحبوبته يورديس إلى حياته الأرضية، فأجاباه بشرط ألا يحدثها، ولا يلتفت إليها حتى يجتاز ظلال مملكة الموت، ولكنه في شغفه نسي هذه النصيحة، فكانت العقبى استحالة محبوبته يورديس إلى خيال أسيف عاتب النظرات وما لبث أن افتقدها ... وعاد يحاول مرة أخرى أن ينالها، ولكن على غير جدوى، فخسرها إلى الأبد، وعاش ليذيب في الألحان نجوى روحه الحزين.) •••
عرف الحياة صبابة ونشيدا
فمضى يبث جمالها تغريدا
واستصحب اللورا
13
كأن خيوطها
تستنطق الدنيا هوى ونشيدا
لم لا وقد أهدى «أبولو» وحيها؟
لم لا وقد جعل الفتون فريدا؟
نامعلوم صفحہ