فليس يجديهمو سمع ولا صمم
هان الرجال، وساد الساخرون بهم
لولا التهيب ما هانوا ولا انهزموا
وعشت في عزلتي الموفور في شرفي
أبكي وأضحك والأحداث تلتطم!
هرقل وديانيرة
هرقل وديانيرة. (كان هرقل مضرب المثل في البأس، وكان كثير العشق كثير التقلب، وكانت مليكة حبه أخيرا الفاتنة ديانيرة التي عشقها قبله أخلوس أحد آلهة الأنهار، وكان أخلوس إلها قويا واسع الحيلة، فحاول التغلب على منافسه هرقل إذ كان أخلوس يتشكل بصور شتى ليفاجئ هرقل منافسه ويصرعه وهو بعيد عن الحيطة والحذر. فكان هرقل يتغلب عليه دائما بالرغم من مفاجآته، وكانت آخر صورة له ظهوره في مظهر ثور قوي غلاب، ولكن هرقل تمكن من مغالبته، وإحراز نصره الأخير عليه إذ انتزع أحد قرنيه، فقدمه قربانا إلى ديانيرة، وأقيمت بمناسبة ذلك حفلة عرسهما. وكثيرا ما كان هرقل ينسى بأسه وقوته، فحدث في حفلة العرس أن غضب على أحد الخدم لسوء تصرفه فضربه ضربة أفضت إلى موته، بينما لم يكن يعني سوى نهره ... وجاءت الآلهة تحاكم هرقل فحكمت بنفيه، ولكن عزاه أنه سيصطحب معه ديانيرة.)
سار هرقل وديانيرة إلى منفاهما، وفي الطريق اعترضهما نهر عظيم، وقد بحثا عند شاطئه عن وسيلة لعبوره فلم يوفقا، وأخيرا وجدا إفينس، ذلك الجواد العجيب الإنسي الصورة الممتلئ حكمة وعاطفة، وقد أحب العزلة، فواجهاه وسألاه المعاونة لاجتياز النهر، فلبى عن طيب خاطر وبدأ بنقل ديانيرة. ولكن هرقل لحظ تباطؤه فقدر سر ذلك وهو شغف إفينس بديانيرة، وعزز ذلك صياحها حينما اقتربا من الشاطئ الآخر، فأسرع هرقل وسدد إلى إفينس سهما أصماه، ولكن قبل وفاته أدرك بها الشاطئ، وحينئذ صرح لها بأنه يموت شهيد حبها، ثم خضب رداءها بدمه، وقال لها إن هرقل كثير الملال والتقلب، وسيأتي يوم قريب يعطي فؤاده إلى غيرها، وحينئذ عليها أن تهدي إليه هذا الرداء الخضيب فتجتذب قلبه ثانية، ثم مات ...
وأدركها هرقل أخيرا فإذا به يجد إفينس ميتا، ورأى في سلامتها حياة جديدة له، ولكنهما لم ينعما طويلا بحياتهما الغرامية إذ قضى تقلب هرقل بأن يهجر ديانيرة، ويحب بدلها أيول الجميلة، فأحزن ذلك ديانيرة حزنا عظيما، ولكنها تذكرت الرداء الخضيب فأرسلته إلى هرقل، وكان مع أيول حينئذ، فضحكا من هذه الهدية التي أرسلتها ديانيرة الغبية في عرفهما، وألقى هرقل بالرداء على كتفه فسقط ميتا ...!
ولما أتى ديانيرة النعي الأليم بكت بدموع البريئة الأثيمة وهي في أشد الندم والحيرة لا تدري كيف مات هرقل، وما مبلغ نصيبها ونصيب الرداء الخضيب في موته، وأي سر في ذلك، ولبثت تشتهي الموت منقذا لها من حزنها العظيم، ولبثت تسأل الآلهة، ولكن الآلهة أبت أن تجيب ... ••• «هرقل» وكم لهرقل العظيم
نامعلوم صفحہ