313

وبلغ السلطان خبر الفريقين، فلحقهم في خواص رجاله «7»، وجعل يلجئهم إلى ما وراءهم شيئا فشيئا، ويملك عليهم ملاجئهم شعبا فشعبا، إلى أن فرقهم في عطفات الجبال الشوامخ، وألحقهم بقلل الراسيات البواذخ، واستفسح «8» المجال إلى عظيم الكفرة المعروف بابن سوري، فغزاه «9» في عقر داره، وأحاط به من جوانب حصاره، وهي في قصبة تدعى آهنكران «10»، وشد عليه الحرب، وبرز الرجل في قرابة عشرة آلاف رجل رجال، كأنما خلقت قلوبهم من حديد، وأكبادهم من جلاميد، يستأنسون بأهوال الوقائع استئناس الظماء بماء الشرائع، فصافوا عسكر السلطان مرعدين بالبطش والبأس، مبرقين بصوارم الأسياف. وجعلوا يهرون في [176 أ] وجوههم هرير الكلاب أعياها الفرار، وأحرجتها الأحجار، فأمر السلطان بمداركة الشد عليهم «1» على ما أوجبه حكم الاحتياط، إذ كانوا مستندين إلى معاقل «2» وثيقة، ومعتصرين بخنادق عميقة، حتى إذا انتصف النهار على وقاحتهم في مغامسة الحرب، ومعامسة «3» الطعن والضرب، أشار بتوليتهم الظهور على وجه الاستدراج والاغتيال، فاغتروا بخدعة «4» الانقلاب، وانفضوا عن مواقفهم إلى فسحة الفضاء، لاغتنام فرصة الانهزام، فكرت عليهم الخيول بضربات غنيت بذواتها عن أخواتها، فلم ترتفع واحدة منها إلا عن دماغ منثور، ونياط مبتور. وصرع في تلك المعركة الواحدة رجال كهشيم المحتظر، أو أعجاز نخل منقعر. وملك الأسر عظيمهم المعروف بابن سوري بأقربيه وذويه، وسائر خدمه «5» وحواشيه. وأفاء الله على السلطان ما اشتمل عليه حصاره من ذخائر الأموال والأسلحة التي اقتناها كابر عن كابر، وتوارثها كافر عن كافر.

صفحہ 324