وبعث بعميد الجيوش الملقب بالصاحب إلى بغداد لمراعاة تلك الأعمال، واستيفاء حقوق [171 ب] بيت المال، فاستدت سيرته، واحتدت «11» في العدل بصيرته، وعم رفقه حجيج بيت الله الحرام [بالمنائح العظام] «12»، فانطلقت بشكره ألسنة الخاص والعام، إلى أن قبضه الله إليه، فسد مكانه بوزير الوزراء «1» زيادة في النظر للرعية، فأربى «2» على عميد الجيوش في الإحسان إلى الكافة، إصلاحا لهم، ورفقا بهم، وطرحا عنهم. وصفت نواحي فارس وكرمان لبهاء الدولة مضافة «3» إلى سائر أعماله. وقعدت الفتن القائمة عن سوقها في زمانه، فعم الأمن والسكون، وشمل الرفق والهدون «4»، واستراح عباد الله مما كان يفدحهم «5» من وطأة الجيوش، ويلحقهم من معرة اختلاف السيوف.
وقد كان أبو علي بن إلياس قد ملك كرمان أيام عضد الدولة لآل سامان، وأقام بها مدة من الزمان، لا ينازعه فيها منازع، ولا يدافعه عنها مدافع. وكان حبس ابنه اليسع في بعض قلاع كرمان إشفاقا من معرته للوثة «6» رآها في رأيه، واضطراب تبينه في وجوه شمائله وأنحائه، ولها «7» عنه مدة من الزمان وهو يكابد بينها ضرا وبؤسا، وشدة وعبوسا «8»، فاتفق أن أشرف سرب من نساء أبيه وجواريه عليه، فرثين [172 أ] لضيق مكانه، ودبرن في وجه خلاصه، وعمدن إلى خمرهن فوصلن بعضها ببعض، وخلصنه بها عن معتقله «9».
وتسامع أهل العسكر بخلاصه، وانحلال عقاله، فتجمعوا عليه، وانقطعوا بجملتهم إليه، ممالأة له على أبيه لجفوات «10» نقموها منه.
صفحہ 316