وكان من جملة ما [13 أ] استفاده ذلك الأمير، من صفايا ذلك الفتح أبو الفتح علي بن محمد البستي «10» الكاتب صاحب التجنيس رحمه الله، فإنه كان كاتبا لپايتوز، فلما استمرت به الكشفة، أعيته صحبته، فتخلف عنه، ودل الأمير عليه، فاستحضره ومناه، واعتمده لما كان قبل معتمدا له، إذ كان محتاجا إلى مثله في آلته وكفايته، ومعرفته وهدايته وحنكته ودرايته.
وحدثني أبو الفتح رحمه الله، قال: لما استخدمني الأمير الماضي، وأحلني محل الثقة الأمين عنده في مهمات شأنه، وأسرار ديوانه، وكان پايتوز بعد حيا، وحسادي يلوون ألسنتهم بالقدح في، والجرح لموضع الثقة بي ليا «1»، أشفقت لقرب العهد بالاختيار، من أن يعلق «2» بقلبه شى ء من تلك الأقوال، ويقرطس «3» غرض القبول بعض تلك النبال، فحضرته ذات يوم، وقلت له: إن همة مثلي من أرباب هذه الصناعة لا ترتقي إلى أكثر مما رآني الأمير أهلا له من اختصاصه واستخلاصه، وتقريبه واختياره وترتيبه لمهمات أسراره، غير أن حداثة عهدي بخدمة من كنت به موسوما، واهتمام الأمير ببعض ما بقي من شغله يقتضيانني أن استأذنه في الاعتزال [13 ب] إلى بعض أطراف مملكته ريثما يستقر «4» له هذا الأمر في نصابه، فيكون ما آتيه «5» من هذه الخدمة أسلم من التهمة، وأقرب إلى السداد، وأبعد من كيد الحساد، فارتاح لما سمعه، وأوقعه من الأحماد «6» موقعه، فأشار علي بناحية الرخج «7»، وحكمني في أرضها [أتبوأ منها] «8» حيث أشاء، إلى أن يأتيني الاستدعاء.
صفحہ 26