فكتب الرضا بذلك إليه، فعلم أن ذلك من تسويل [71 أ] ابن عزير وافتعاله، وتمويهه واحتياله، وقصده أن يحبط «1» عليه سعيه الذي سعاه في العبور، واستجاشة الجمهور، وتحمل الأثقال، واستنفاق الأموال.
فسرب الأمير سيف الدولة وأخاه بغراجق في قرابة عشرين ألف رجل إلى بخارى لإزعاجه «2» عن مكانه. وسير معهما أبا نصر أحمد بن محمد بن أبي زيد لتدارك أمر الديوان الذي كان برسمه. فلما أحس ابن عزير بإقبالهم، رأى ليث الموت كاشرا عن نابيه، وعقاب العقاب ناشرا جناحيه للانقضاض عليه، فابتغى نفقا في الأرض أو سلما في السماء، حتى إذا أعياه ما توخاه، فزع إلى الانجحار «3»، ولاذ بالاستتار. فولى الرضا أبا نصر بن أبي زيد ما كان يليه «4»، وهو الشهاب الثاقب، والنقاب الذي هذبته المناقب.
فأقام بكفايته عماده، وقوم منآده «5»، وصدف «6» عنه ما كان قد آده «7»، ووصفه أبو الفتح البستي بأبيات وفى الصدق بها حقه، وهي «8»:
فديت أبا نصر المرتجى ... لتفريج كل ظلام يظل
له قلم حده لا يكل ... إذا كان في الحرب سيف يكل «9» [71 ب]
فيوجز لكنه لا يخل ... ويطنب لكنه لا يمل
وكيف يمل وتوفيق من ... أفاد العقول عليه يمل
صفحہ 136