قلت للضحك: فيك الجنون. وللفرح: ماذا تنفع؟
وقلت في قلبي: إن الذي يحدث للجاهل يحدث لي أيضا، إذن فلم حكمتي هذه الوافرة؟ فقلت في قلبي: هذا أيضا باطل.
فإنه ليس من ذكر للحكيم وللجاهل كليهما إلى الأبد؛ إذ في الأيام الآتية كل شيء ينسى، وا أسفا، يموت الحكيم كالجاهل!
فكرهت الحياة إذ ساءني العمل الذي يعمل تحت الشمس؛ لأنه كله باطل وكآبة الروح.
ومذاهب التطور التي أولع بها فلاسفة زماننا مما كان صاحب سفر الجامعة قد أبصره، فلم تجد سوداؤه فيه سلوانا.
وذكر صاحب سفر الجامعة أنه إذا لم يقتطف في هذه الحياة الدنيا ثمرة آثاره، فإنه يتركها ميراثا للأجيال القادمة، وأنه إذا لم يهلك تماما فلما يراه من بقاء فكره بعده، وأن الفرد إذا ما باد فإن البشرية حية متقدمة، وأنه لا يضيع أي عمل عظيم ولا أي جهد، وأنه لا عامل كثير الخضوع.
ولم يكف ذلك الفكر عنده أن يعوض الإنسان من كرب الحياة العظيم ومن مداجاتها؛ فقد قال:
وكرهت جميع ما عانيت تحت الشمس من تعبي؛ لأنني سأتركه لإنسان يخلفني.
ومن يدري هل يكون حكيما أو أحمق، مع أنه سيستولي على كل عملي الذي أفرغت فيه تعبي وحكمتي تحت الشمس، هذا أيضا باطل.
غبطت الأموات الذين درجوا من قبل، على الأحياء الذين هم باقون حتى الآن، وخير من كليهما من لم يوجد حتى الآن؛ لأنه لم ير العمل الشرير الذي يفعله تحت الشمس.
نامعلوم صفحہ