وقد كان ﷺ يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأُ قراءةً مُرتَّلة، لا يمرُّ بآية فيها رحمةٌ إلاَّ سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ. فجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.
قال الشعبي في ليلة القدر: ليلُها كنهارها. وقال الشافعي: أستحب أن يكون اجتهادُه في نهارها كاجتهاده في ليلها.
قالت عائشة ﵂ «يا رسول الله، إن وافقتُ ليلةَ القدر ما أقول؟ قال: قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفو فاعفُ عنِّي» .
وروي عن ابن عباس ﵄ مرفوعًا: «إنَّ الله ينظرُ ليلة القدر إلى المؤمنين من أمة محمد ﷺ، فيعفو عنهم، ويرحمهم، إلَّا أربعةً: مدمنُ خمرٍ، وعاقٌ، ومشاحنٌ، وقاطعُ رحم» .
لما عرف العارفون بجلاله خضعُوا، ولما سمع المذنبون بعفوه طمعُوا ما ثمَّ إلا عفوُ الله أو النارُ، إنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها، وفي ليالي العشر: لأنَّ العارفين يجتهدون في الأعمال الصالحة، ثم لا يرون لأنفسهم عملًا، ولا حالًا، ولا مقالًا، فيرجعون إلى سؤال العفو، كحال المذنب المعترف. كان مطرِّفُ يقولُ في دعائه: اللهم ارض عنّا، فإن لم ترض عنّا، فاعفُ عنَّا.
1 / 69