فدلَّ على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلًا، فإن الليل تنقطعُ فيه الشواغلُ، وتجتمعُ فيه الهممُ، ويتواطأ فيه القلبُ واللسانُ على التدبر، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ .
وشهرُ رمضان: له خصوصيةٌ بالقرآن، كما قال تعالى:
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ وقال ابنُ عباسٍ ﵄: إنه أُنزل جُملةً واحدةً من اللوح المحفوظ، إلى بيت العزة في ليلة القدر.
ويشهدُ لذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ وقولهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ والنبيُّ ﷺ بُديءَ بالوحي، ونزل عليه القرآن في شهر رمضان؛ وقد كان النبيُّ ﷺ يُطيلُ القراءة في قيام رمضان بالليل، أكثر من غيره.
وقد صلَّى معه حذيفة ليلة في رمضان «فقرأ بالبقرة، ثم النِّساء، ثم آل عمران، لا يمرُّ بآية تخويفٍ إلا وقف وتعوذ، ولا بآية رحمةٍ إلا وقف وسأل، فما صلى ركعتين حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة» رواه أحمد والنسائي. وعنه: أنه «ما صلى إلا أربع ركعات» .
وكان عُمر ﵁: أمر أبيَّ بن كعب، وتميمًا الداريَّ، أن يقوما بالناسِ في شهر رمضان، فكان القارئ
1 / 38