حدثني السكن بن محمد بن السكن التجيبي، قال: حدثنا محمد بن داود بن أبي ناجية المهري، قال: حدثني زياد بن يونس الحضرمي، قال: حدثني يحيى بن أيوب، أن خالد بن يزيد، وعبيد الله بن أبي جعفر حدثاه، عمن أدركا من مشايخهما، وربما قال خالد: كان حنش بن عبد الله، يقول: كان عمرو بن العاص تاجرا في الجاهلية، وكان يختلف بتجارته إلى مصر وهي: الأدم والعطر، فقدم مرة من ذلك، فأتى الإسكندرية، فوافق عيدا لهم يجتمعون فيه ويلعبون، فإذا هموا بالانصراف، اجتمع أبناء الملوك وأحضروا كرة لهم مما عملها حكماؤهم، فتراموا بها بينهم وكان من شأنها المتعارف عندهم من وقعت في حجره ملك الإسكندرية، أو قالوا: ملك مصر، فجعلوا يترامون بها، وعمرو في النظارة، فسقطت الكرة في حجره، فعجبوا لذلك، وقالوا: ما كذبتنا هذه الكرة قط إلا هذه المرة وأنى لهذا الأعرابي يملك الإسكندرية هذا والله لا يكون.
ثم ضرب الدهر حتى فتح المسلمون الشام، فخلا عمرو بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فاستأذنه في المضي إلى مصر، وقال: إني عالم بها وبطرقها وهي أقل شيء منعة وأكثر أموالا.
فكره أمير المؤمنين الإقدام على من فيها من جموع الروم، وجعل عمرو يهون أمرها، وقد أمر أصحابه أن يتسللوا بالليل، ثم أتبعهم، فبعث إليه أمير المؤمنين: كن قريبا مني حتى أستخير الله.
وذلك في سنة تسع عشرة
وأخبرني أبو سلمة أسامة التجيبي، قال: كتب إلي محمد بن داود بن أبي ناجية بذلك.
وحدثني علي بن الحسن بن خلف بن قديد الأزدي، عن عبيد الله بن سعيد الأنصاري، عن أبيه، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن عمرو بن العاص كان بفلسطين على ربع من أرباعها، فتقدم بأصحابه إلى مصر، فكتب إلى عمر فيه وكان سار بغير إذن، فكتب إليه عمر بن الخطاب بكتاب أتاه وهو أمام العريش، فحبس الكتاب ولم يقرأه حتى بلغ العريش فقرأه، فإذا فيه: من عمر بن الخطاب إلى العاص بن العاص، أما بعد، فإنه بلغني أنك سرت ومن معك إلى مصر وبها جموع الروم، وإنما معك نفر يسير، ولعمري لو كان ثكل أمك ما تقدمت، فإذا جاءك كتابي هذا، فإن لم تكن بلغت مصر فارجع.
فقال عمرو: الحمد لله، أية أرض هذه؟ قالوا: من مصر.
فتقدم إلى الفرما وبها جموع الروم، فقاتلهم، فهزمهم.
صفحہ 9