الملحق الأول: ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام"
ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام"

1:

قال العلامة المؤرخ ابن ظهيرة القرشي المخزومي المكي في كتابه "الجامع

~~اللطيف في أخبار مكة المشرفة والبيت الشريف"2 ما تلخيصه:

واستمر السيد بركات بعد موت الفاسي المؤرخ على ولاية مكة إلى أثناء سنة

~~خمس وأربعين وثمانمائة فعزل عن ذلك.

ثم وليها أخوه السيد علي بن حسن وكان بالقاهرة فوصل مكة يوم السبت مستهل

~~شعبان واستمر متوليا إلى رابع شوال سنة ست وأربعين وثمانمائة3، وقبض عليه

~~وعلى أخيه السيد إبراهيم.

ثم وليها أخوه أبو القاسم بن حسن وقدم من مصر متوليا، فدخل مكة في يوم

~~السبت السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ست وأربعين وثمانمائة واستمر

~~متوليا إلى أوائل سنة خمسين فعزل.

ثم أعيد السيد بركات إلى ولاية مكة ودامت ولايته إلى أن مرض وترعك بدنه؛

~~وذلك في سنة تسع وخمسين "بتقديم التاء المثناة الفوقية" وثمانمائة فسأل

~~نائب جدة الأمير جاني بك الظاهر بأن يرسل إلى السلطان يسألة ولاية عمرة مكة

~~لولده السيد محمد عوضا

صفحہ 359

عن أبيه فأجاب السلطان ذلك، وقبل وصول الخبر توفي السيد بركات في عصر يوم

~~الاثنين تاسع عشر شعبان سنة تسع وخمسين بأرض خالد بوادي مر وحمل على أعناق

~~الرجال إلى مكة ودفن بها في صبح يوم الثلاثاء لعشرين من شعبان؛ فلما كان

~~عصر ذلك اليوم المذكور وصل قاصد من الديار المصرية بمرسوم للسيد محمد مؤرخا

~~بسادس عشر رجب، ومضمونه ولاية مكة للسيد محمد عوضا عن والده حسب ما سأل

~~نائب جدة، وكان السيد محمد خارجا عن مكة فدعى له على زمزم بعد المغرب من

~~ليلة الأربعاء حادي عشر شعبان، ثم وصل السيد محمد مكة ليلة الجمعة سابع

~~رمضان فقرئ موسمه في صبحها ثم لما كان رابع شوال من السنة المذكورة وصل إلى

~~السيد محمد كتاب من السلطنة بالعزاء في والده وتوقيع باستمراره مؤرخا بشهر

~~رمضان واستمر السيد محمد على ولاية مكة ودانت له البلاد وأطاعت له العباد

~~لكونه أظهر العدل والإحسان والرأفة على الرعية والالتفات في أمور المسلمين

~~وعدم الغفلة عن ذلك؛ فبسبب ذلك طالت مدته وحمدت سيرته وطابت سريرته فكانت

~~مدة ولايته ثلاثا وأربعين سنة ونصفا إلا أربعة أيام مع مشاركة والده السيد

~~بركات على عوائدهم، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى في الحادي والعشرين من

~~محرم الحرام سنة ثلاث وتسعمائة بوادي الأبيار وحمل إلى مكة ووقف بها1.

ثم وليها من بعده ولده السيد بركات بن محمد بركات من قبل الملك الناصر

~~محمد بن قايتباي في رابع شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وتسعمائة واستمر على

~~ولايتها إلى أن كان موسم سنة ست وتسعمائة.

ووليها أخوه السيد هزاع بن محمد بعد محاربة وقعت بينه وبين أخيه السابق

~~السيد بركات بالموسم المذكور بمحل يقال له وادي الحجون2 بمر الظهران وانهزم

~~السيد بركات ودخل السيد هزاع مكة وحج بالناس سنة ثم خرج منها بعد انقضاء

~~الموسم إلى ينبع3 خوفا من أخيه بركات لقلة عسكره؛ فعاد السيد بركات إلى مكة

~~واستمر بها إلى جمادى الثانية سنة سبع بتقديم السين وتسعمائة فوصل السيد

~~هزاع من ينبع بعسكر عظيم

صفحہ 360

وتحارب هو وأخوه السد بركات محاربة ثانية بمحل يقال له: "طرف البرقا"1

~~فانهزم السيد بركات؛ فوليها السيد هزاع ثانيا واستمر إلى خامس عشر من رجب

~~ثم توفي إلى رحمة الله.

ثم عاد السيد بركات إلى مكة واستمرت الفتن والشرور بينه وبين أخيه السيد

~~أحمد جازان وتحاربا مرارا، وكان ابتداء ذلك من أواخر ذي الحجة سنة سبع

~~وتسعمائة إلى أن كان يوم السبت الخامس والعشرون من شوال سنة ثمان وتسعمائة

~~فوصل السيد جازان بعسكر كبير من ينبع من بني إبراهيم وغيرهم ووقع الحرب

~~بينه وبين أخيه السيد بركات فانهزم السيد بركات.

ثم وليها السيد أحمد جازان ودخل مكة في يوم السبت المذكور ونهب عسكره مكة

~~وفعلوا أفعالا قبيحة وانتهكوا حرمة البيت وجرى منهم على مكة وأهلها أمورا

~~شنيعة ليس هذا محل ذكرها ولا نحن بصددها، واستمر السيد جازان بمكة إلى آخر

~~ذي القعدة من السنة المذكورة فبلغه وصول التجريدة من قبل السلطان الغوري2

~~بقيادة الأمير الكبير المعروف: بقتب الرجبي "بالجيم ثم الموحدة" بسبب ما

~~فعله السيد جازان من نحو مكة ونهب الحاج الشامي والمصري فخرج من مكة هاربا،

~~وهذا الشريف أحمد جازان المذكور هو جد أشراف مكة.

ثم عاد إلى مكة السيد بركات فواجه أمير التجريدة وقبض عليه، ثم حج وتوجه

~~بعد ذلك إلى القاهرة من طريق ينبع في أوائل سنة تسع وسبعمائة، ثم عاد السيد

~~جازان إلى مكة واستمر بها إلى يوم الجمعة عاشر رجب من السنة المذكورة فقتله

~~الأتراك الشراكسة بالمطاف.

ثم وليها بعده أخوه السيد حميضة بن محمد واستمر إلى أواخر محرم أو أوائل

~~صفر من سنة عشر وتسعمائة فعزل.

ثم وليها أخوه السيد قايتباي بن محمد بإشارة أخيه السيد بركات، وقد أمكنه

~~الله بالفرار إلى مكة من مصر ولم يشعر به الغوري إلا بعد يومين؛ فأرسل خلفه

~~فلم يلحقه، واستمر قايتباي متوليا موافقا لأخيه بركات مستضيئا برأيه إلى أن

~~توفي إلى رحمة الله يوم الأحد الحادي والعشرين من صفر عام ثمان عشرة

~~وتسعمائة بأرض حسان بوادي مر، فحمل إلى مكة فدفن بها، وهذا الشريف قايتباي

~~جد أشراف مكة.

ثم استولى السيد بركات بعد موته على مكة إلى شهر شعبان من هذه السنة

~~بمفرده.

صفحہ 361

ثم أرسل السلطان الغوري يطلب الشريف بركات إلى مصر، فاعتذر، وأرسل ولده

~~الشريف محمد أبا نمي بن بركات إلى الديار المصرية فوصلها1 فقابل السلطان

~~قانصوه فأكرمه وعظمه وأنعم عليه بإمرة مكة، ثم عاد إليها شريكا لأبيه وعمره

~~يومئذ سبع سنوات وبضعة شهور2 وكان وصوله إلى مكة في أواخر ذي القعدة الحرام

~~بين يدي الحاج من السنة المذكورة، واستمر كذلك إلى أن كان عام ثلاث وعشرين

~~وتسعمائة فاستولى السلطان سليم خان من آل عثمان على الديار الشامية

~~والمصرية والحرمين الشريفين وجهز؛ فأصدر إلى مكة3 للسيد بركات وابنه السيد

~~أبي نمي باستمرارها في إمرة مكة، فتجهز حينئذ السيد أبو نمي، وسافر إلى

~~القاهرة وقابل السلطان سليما4 المذكور بمصر فأكرمه واحترمه وأقره هو ووالده

~~على إمرة مكة، ثم عاد إلى مكة واستمر شريكا لوالده إلى أن أذن الله بوفاة

~~والده السيد بركات في أثناء ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من ذي القعدة

~~الحرام عام إحدى وثلاثين وتسعمائة5 وله من العمر إحدى وسبعون سنة.

ثم ولي بها بعده السيد محمد أبو نمي بمفرده ولقب بنجم الدين، ووصلت إليه

~~الأحكام السلطانية السليمانية بولاية إمرة مكة في أواخر عام اثنين وثلاثين

~~وتسعمائة فاطمأنت به الخواطر وقرت به النواظر واستمر منفردا بالولاية إلى

~~عام ست وأربعين وتسعمائة.

ثم وليها ابنه السيد أحمد شريكا لوالده في هذا العام بعد وصوله إلى

~~الديار الرومية ومقابلته للإمام الأعظم والخاقان المكرم الملك المظفر

~~السلطان سليمان خان؛ فقوبل بالإكرام والرعاية والاحترام، وعاد إلى مكة في

~~أول ربيع الأول عام سبع وأربعين وتسعمائة واستمر شريكا لوالده الشريف أبي

~~نمي إلى عام خمسين وتسعمائة.

واستمر الشريف أحمد بن أبي نمي إلى رجب سنة إحدى وستين وتسعمائة شريكا

~~لوالده، وانتقل إلى رحمة الله ودفن بالمعلاة، وهو الشريف أحمد وهو جد ذوي

~~حراز وذوي قنديل من أشراف مكة، والله أعلم.

ثم أقام الشريف أبو نمي ولده الثاني الشريف حسن وعرض ذلك على الأبواب

~~السلطانية السليمانية ففوض إليه الأمر، واستمر والده مشاركا له في الدعاء

~~إلى أن مات

صفحہ 362

في المحرم سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بتقديم التاء فيهما، فاستقل ولده

~~الشريف حسن بالأمور، وهذا الشريف حسن هو جد ذوي حسن من الأشراف.

ثم في أوائل عام سنة تسع بعد الألف عرض الشريف حسن لأكبر أولاده أن

~~يشاركه في الأمر؛ فوصل الأمر الشريف السلطاني في آخر السنة المذكورة بأن

~~يكون أول أولاده الشريف أبو طالب بن حسن مشاركا لوالده، ودعى لهما واستمر

~~مشاركا لوالده إلى أن قضى الله على والده الشريف حسن فتوفي في ثالث جمادى

~~الآخرة سنة عشرة وألف في محل يسمى فاعية، بينه وبين مكة نحو سبعة أيام

~~بالجمال، وحمل إلى مكة ودفن بالمعلاة.

واستقل بالأمر الشريف أبو طالب المذكور استقلالا تاما إلى أن توفي في

~~العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وألف بمحل يقال له: العشبة بنواحي

~~بيشة فغسل هناك وكفن وقصد به مكة ودفن بالمعلاة بعد الصلاة عليه حسب

~~العادة، وهو يزار وينذر له النذور، وتحمي ساداتنا بنو حسن من التجأ إلى

~~قبره ولا ينال من استجار به مكروه.

ثم اجتمع الأشراف جميعهم فاختاروا الشريف إدريس بن حسن بن أبي نمي أخا

~~المذكور وصدروه في جميع الأمور وأشركوا معه في الدعاء الشريف: محسن بن حسين

~~بن حسن بن أبي نمي، والشريف فهيد بن حسين، وكتبوا بذلك إلى أبواب السلطنة

~~العثمانية إلى الروم، ثم وصل المكتوب واستمروا كذلك إلى آخر شهر ربيع الآخر

~~من سنة تسع عشرة وألف؛ فدخل الشريف محسن بن حسين بن حسن من اليمن بأمر من

~~الشريف إدريس وقد كان الشريف محسن خرج إلى اليمن مغاضبا للشريف إدريس في

~~سنة خمس عشرة وألف، ثم أخرجوا الشريف فهيدا من الديار المكية ورفعوا يده

~~عما كان يستلمه من غلة الأقطار الحجازية فذهب إلى الروم ومات سنة إحدى

~~وعشرين وألف، واستوى على ذلك كله الشريف إدريس، ثم إنه جعل ما كان للشريف

~~فهيد من الربع لابن أخيه الشريف محسن بن حسين بن حسن، واستمر كذلك إلى أن

~~حصل التنافر بين الشريف محسن وعمه الشريف إدريس؛ فعند ذلك اجتمع أهل الحل

~~والعقد من بني عمه فرفعوا الشريف إدريس وفوضوا الأمر إلى الشريف محسن في

~~يوم الخميس رابع محرم سنة أربع وثلاثين، وألف حصل بسبب ذلك القتال، وركب

~~الشريف أحمد بن عبد المطلب بن حسن ومعه خيل ونادى في البلاد السابق ذكره،

~~ثم خرج الشريف إدريس ليلة عيد المولد متوجها إلى الشريف مريضا فتوفي في

~~جمادى الأخرى من سنته؛ ثم عرض على الأبواب السلطانية ما وقع فجاء التأييد

~~في رابع عشر رمضان من العام المذكور للشريف محسن.

صفحہ 363