وجودیت: ایک مختصر تعارف
الوجودية: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
من المعروف عموما أن الوجودية فلسفة تدور حول الفرد بكيانه المادي الملموس. وهذه نقطة قوتها ونقطة ضعفها في الآن ذاته. ففي عصر وسائل الإعلام الجماهيرية والدمار الشامل، يحسب للوجودية دفاعها عن القيمة الأصيلة لمن يسميه مناصرها الرئيسي سارتر «الفرد الطبيعي الحر»، أي الفرد الفاعل المكون من لحم ودم. ونظرا إلى الانجذاب الذي يكاد لا يقاوم نحو الانصياع للعادات في مجتمعنا الحديث، فإن ما سنسميه «فردية وجودية» يعد إنجازا، لكن ليس دائما. فنحن نولد مخلوقات بيولوجية، لكننا يجب أن نصبح أفرادا وجوديين عن طريق تحمل مسئولية أفعالنا. هذا تطبيق لنصيحة نيتشه بأن «تتصرف على طبيعتك التي جبلت عليها». لا يعترف كثير من الناس بهذه المسئولية وإنما يتهربون من فرديتهم الوجودية إلى أمان الزحام المفتقر إلى الهوية. وكدرس عملي للتحول إلى الفردية، سأتناول في
الفصل الثاني
ما يسميه كيركجارد «دوائر» الوجود أو «خطوات على طريق الحياة»، وسأختم ببعض الملاحظات حول كيف كان نيتشه سينظر إلى مشروع التحول إلى الفردية الوجودية هذا.
بعد انتهاء الحرب بقليل، ألقى سارتر محاضرة عامة بعنوان «هل الوجودية فلسفة إنسانية؟» هزت الحياة الثقافية في باريس وكانت بمنزلة بيان رسمي بإطلاق الحركة الوجودية. منذ ذلك الحين، ارتبطت الوجودية بنوع معين من الفلسفة الإنسانية التي تولي الإنسان والقيم الإنسانية مكانة مرموقة، وارتبطت بانتقاد صور بديلة من الفلسفة الإنسانية المقبولة وقتذاك. في
الفصل الثالث
أناقش آثار هذه المحاضرة المعقدة، وهي الوحيدة التي ندم سارتر على نشرها، علاوة على «رد» معاصره مارتن هايدجر في مقاله الشهير «رسالة في النزعة الإنسانية».
ومع أنه قد شاع أن القيمة الأسمى للفكر الوجودي هي الحرية، فإن فضيلته التي تحتل الصدارة هي الصدق. يخصص
الفصل الرابع
للحديث عن هذا الموضوع بالإضافة إلى طبيعة وصور خداع الذات، التي تمثل نقيضا له. وقد ربطت بين الصدق والفردية الوجودية، وفكرت في احتمالية وجود خلق صدق قائم على المسئولية الوجودية.
ولكي أواجه النقد، الذي انتشر عقب الحرب مباشرة، بأن الوجودية ليست إلا صورة أخرى من الفردية البرجوازية المجردة من الوعي الجمعي وغير المبالية بالحاجة إلى تناول المشكلات الأخلاقية للعصر، خصصت
نامعلوم صفحہ