228

Women's Rights in the Light of the Prophetic Sunnah

حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية

ناشر

دار الحضارة للنشر والتوزيع

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

اصناف

ربيعة، ولعلك أيّها القارئ الفاضل أن تتصور ما لحق بالنساء الصابرات من أذى ومشقة، أولها: ترك أوطان وأهلهن ولا ش ك أن سيلحقهن أذي نفسي من ترك ما ألفنه، ثم وعورة الطريق، وبعد الشقة من مكة إلى الحبشة ما بين جبل وساحل، ثم ركوب البحر للوصول إلى دار الغربة، ورواية ابن كثير تصور ما لحقهم من أذى «وأهم انتهوا إلى البحر ما بين ماش وراكب، فاستأجروا سفينة بنصف دينار»، ومع ذلك يأتي جواب أسماء بنت عميس ليبين لنساء العالم أجمع ما بذلته المرأة المسلمة منذ بزوغ شمس الرسالة ولن تزال بإذن الله أرضًا تنبت، وشمسًا تشرق، وتقول لعمر بن الخطاب لما فخر عليها بسبقه بالهجرة قائلة: «كلا والله كنتم مع رسول الله ﷺ يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله ﷺ.
ويظهر من رد أسماء على عمر ما عنينهن بعد وصولهن لأرض الحبشة، ووصفها لهم: «بالبعداء البغضاء»، أي البعداء في النسب، البغضاء في الدين لأنهم كانوا كفارًا (^١)، بينما كان عمر وأصحابه رضوان الله عليهم مع رسول الله ﷺ، فيأتي جواب رسول الله ﷺ بثبوت عظيم الأجر لهم، ويقرر فضلهم بقوله: «له ولأصحابه هجرة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان» هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى رسول الله ﷺ، ويفرح أهل السفينة بالبشارة، ويأتون إلى أسماء أرسالًا ليسمعوا منها بشارة رسول الله ﷺ لهم، فيفرحوا بها فرحة لا تعدلها فرحة.
وموقف أسماء بنت عميس مع عمر بن الخطاب ﵄، يُظْهِرُ قوة المرأة المسلمة في الحق، ومن تحديثها ﵂ بالحديث يتجسد دور المسلمة في نشر العلم وتعليم الخير.

(^١) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٦/ ٦٥)، الفتح (٧/ ٤٨٧).

1 / 237