فاسدد مسامعك، واستغش ثيابك، وإياك والإصغاء إليه، واحذر الالتفاتَ نحوه؛ فإنه مما يُصدئ القلب ويُعميه، ويطمس البصيرة، ويكدّ القريحة.
وربما جاءَ من هذا الباب ما يظنّه الناس استعارةً وهو تشبيه أو مثَل؛ فقد رأيت بعض أهل الأدب ذكر أنواعًا من الاستعارة عدّ فيها قول أبي نواس:
والحبُّ ظهْرٌ أنت راكبُه ... فإذا صرفتَ عِنانه انصرفا
ولست أرى هذا وما أشبهَه استعارة، وإنما معنى البيت أن الحب مثل ظهْر، أو الحب كظهْر تُديره كيف شئتَ إذا ملكتَ عِنانه؛ فهو إمّا ضرب مثَل أو تشبيه شيء بشيء؛ وإنما الاستعارةُ ما اكتُفِي فيها بالاسم المستعار عن الأصل، ونقلت العبارة فجعلت في مكان غيرها. وملاكُها تقريب الشَّبَه، ومناسبةُ المستعار له للمستعار منه، وامتزاجُ اللفظ بالمعنى؛ حتى لا يوجد بينهما منافرة، ولا يتبين في أحدهما إعراض عن الآخر.
فأما التجنيس؛ فقد يكون منه المطلَق، وهو أشهر أوصافه، كقول النابغة:
وأقطَعُ الخرْق بالخَرْقاء قد جعلت ... بعد الكَلال تشكّى الأيْنَ والسّأما
وقول الشّنْفَرى:
فبِتْنا كأن البيت حُجِّرَ فوقنا ... بريحانة ريحَت عِشاء وطُلَّت
1 / 41