ولو كان حقًا ما أتاه لأطفأت ... غليلًا ولافْتكّتْ أسيرًا مُعذّبا
علمْتُك إن منيّتِ منيّتِ موعِدًا ... جَهامًا وإن أبْرَقْتِ أبرقتِ خُلَّبا
وكنت أرى أن الصّدود الذي مضى ... دلالًا فما إن كان إلا تجنُّبا
فوا أسفي حتّام أسألُ مانعًا ... وآمَنُ خوّانًا وأعتِبُ مُذْنبا
سأثني فؤادي عنك أو أتبع الهوى ... إليك إن استعفى فؤادي أو أبى
ثم انظر: هل تجدُ معنى مبتذلًا ولفظًا مشتهرًا مستعملًا! وهل ترى صنعة وإبداعًا، أو تدقيقًا أو إغرابًا! ثم تأمّل كيف تجد نفسك عند إنشاده، وتفقّدْ ما يتداخُلك من الارتياح، ويستخفّك من الطرف إذا سمعته، وتذكّر صَبْوةً إن كانت لك تراها ممثّلة لضميرك، ومصوّرة تلقاء ناظرك.
فإن قلت: هذا نسيب والنفس تهَشُّ له، والقلب يعْلَق به، والهوى يُسرع إليه، فأنشِد له في المديح قوله:
بلوْنا ضرائب مَنْ قد نرى ... فما إنْ وجدنا لفَتْحٍ ضَريبا
هو المرءُ أبدت له الحادثا ... تُ عزْمًا وشيكا ورأيًا صليبا
تنقّل في خُلُقي سودَدٍ ... سماحًا مرجّى وبأسًا مَهيبا
فكالسّيف إنْ جئته صارخًا ... وكالبحر إن جئته مستثيبا
فتى كرّم الله أخْلاقه ... وألبَسَه الحمد بُرْدًا فشيبا
وأعطاه من كل خبر يُعدّ ... حظًّا ومن كل مجد نصيبا
فديناك من أيّ خطب عرا ... ونائبةٍ أوشكت أن تَنوبا
1 / 27