وأخذت الالتماسات تتوارد من سائر أنحاء الروماني وأومبريه وروما؛ يطالب فيها المعتدلون والدمقراطيون بمؤسسة تمثيلية، وأراد البابا وحكومته المماطلة، ولكن لهيب الثورة أخذ يندلع في فرنسة، وتعاظم هياج الناس حتى أصبح التسويف يؤدي إلى نتائج خطيرة، فأظهر البابا آنئذ ميله للدمقراطية، ووافق على مطالبهم، لكن الكرادلة رفضوا الدستور الذي وضعه روسي وقبلوا دستورا من صنع أيديهم، واتخذوا الألوان الثلاثة راية قومية.
الفصل الثاني عشر
الوثبة القومية
وقد أصبح ميسورا للأمة بعد أن انتهت القضية الدستورية أن توجه جهودها نحو الحرب، وكان لانتصار الثورة في فرنسة تأثير حاسم في أوروبا؛ لأنه دل على أن التوفيق كان يجانب الحركات المناهضة، واعتبرت النمسة خبر إعلان الجمهورية في فرنسة ضربة موجهة إليها؛ لأن الجمهورية في فرنسة ستعطف حتما على الحرب التي تخوض إيطالية غمارها للحصول على حريتها.
وأيقنت النمسة أن فرنسة وإنجلترة ستعلنان الحرب عليها فيما إذا أرادت أن تحتل الدويلات الإيطالية الحرة، وكانت مجزرة ميلانو قد أضرمت نار الحقد في جميع أنحاء إيطالية، حتى أخذ الناس ينظرون إلى المعركة المقبلة بفارغ الصبر، وكانوا يعلمون أن الشارة يجب أن تعطى من قبل لمبارديه أو بيمونته.
وكان كل ما يستطيع أن يقوم به الوطنيون المتحمسون في هذه الفترة أن يحملوا على اليسوعيين أصدقاء النمسويين؛ لأن المعركة إنما كانت بين الاستبداد والدمقراطية، فاليسوعيون كانوا - بطبيعة الحال - في جانب النمسة، وكان جيوبرتي قد ذكر في كتبه أن الاتحاد النمسوي اليسوعي هو أكبر عقبة في سبيل الإصلاحات، وسمى اليسوعيين بالأعداء الألداء لإيطالية.
ولما تأكدت الحكومات في إيطالية من كره الشعب لليسوعيين قدمتهم طعمة لهم؛ لتسكين الهياج، فترك الآباء اليسوعيون جنوة، وكانت حوادث الدستور سببا في الهجوم النهائي عليهم فطردهم أهل ساردينه من الجزيرة، ثم قامت مدينة تورينو وألكسندرية وسبريه بالعمل نفسه.
وهرب الآباء من نابولي ليعودوا إليها متنكرين، ولما وردت أخبار الثورة في فينا طلبت الجماهير في روما طردهم، وعلى الرغم من أنهم علقوا الراية المثلثة الألوان على مبانيهم فإن البابا بيوس حاول أن يحميهم، ثم اضطرت الحكومة أمام العاصفة إلى إغلاق مبانيهم.
أما في لمبارديه فكان أهلها يستعدون للمعركة العظيمة، وأخذ الناس يوالون اجتماعاتهم السرية في أماكن معينة واجتمع آلاف من الناس في الكتدرائية يشكرون الله صامتين على منح الدستور في نابولي.
أما في البندقية فقد صرف الناس النظر عن عيد الكرنفال، وجمعوا الأموال لضحايا فتنة التبع وأوقفت الحكومة توماسو ومانين وأحالتهما للمحاكم بتهمة الخيانة العظمى، إلا أن المحكمة برأت ساحتهما بعد دفاع مجيد، فأودعتهما الحكومة السجن.
نامعلوم صفحہ