فقال لها: يا فاطمة! أولا تريدين خيرًا من الخادم؟ فقال علي: قولي: بلى، قالت: يا أبت! خيرًا من الخادم؟ فقال: تسبحين الله ﷿، في كل يوم ثلاثًا وثلاثين مرة، وتحمدينه ثلاثًا وثلاثين مرة، وتكبرينه أربعًا وثلاثين مرة، فذلك مئة باللسان وألف حسنة في الميزان) (^١).
عاشرا: القول بأن النبي ﵌ كان يغضب لغضب فاطمة، قول صحيح ولا يختلف عليه اثنان، ولكن نقول إنَّ منع أبي بكر الصديق ﵁ لم يكن بقصد إغضابها؛ لأن المنع كان استجابة منه لأمر النبي ﵌، وهذا لا يعيب أبا بكر الصديق ﵁، ولا غيره إن فعله، كما لا يلزم منه أن كل غضب تغضبه الزهراء ﵇ يغضب لأجله النبي ﵌.
فقد حدثت خلافات أسرية بين الإمام علي والزهراء مثل ما يقع بين الأزواج عادة، فهل يمكن الطعن في عدالة الإمام علي ﵇ على هذا الأساس، ونقول إنه أغضب رسول الله ﵌ لإغضابه الزهراء؟! كما تدل عليه الروايات التالية:
عن أبى ذر ﵁ قال: (كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة فأهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدِمنا المدينة أهداها لعلي ﵇... تخدمه فجعلها علي ﵇ في منزل فاطمة، فدخلت فاطمة ﵇ يوما فنظرت إلى رأس علي ﵇ في حجر الجارية، فقالت: يا أبا الحسن! فعلتها؟ فقال: لا، والله! يا بنت محمد! ما فعلت شيئًا، فما الذي تريدين؟ قالت: تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول الله ﵌؟ فقال لها: قد أذنت لك. فتجلببت بجلبابها، وتبرقعت ببرقعها، وأرادت النبي ﵌، فهبط... جبرائيل ﵇ فقال: يا محمد! إن الله يقرئك السلام، ويقول لك: إن هذه فاطمة قد أقبلت إليك تشكو عليًا فلا تقبل منها في علي شيئًا!!، فدخلت فاطمة فقال لها رسول الله ﵌: جئت تشكين عليًا؟ قالت: إي؛ ورب الكعبة! فقال لها: ارجعي إليه، فقولي له: رغِم أنفي
(^١) كشف الغمة: (١/ ٣٦٢)، بحار الأنوار: (٤٣/ ١٣٤).