قال ييتس وهو يدخل مخزن الحبوب على مهل ويخرج من جيبه كوبا معدنيا قابلا للإطالة كأنبوب التلسكوب، ويطيله بهزة من يده إلى حد كاف لاستيعاب السوائل محدثا طقطقة حادة: «لنشرب في صحتك.» وقدم الكوب الذي صار طويلا الآن إلى هيرام، الذي رفض أي تطور عصري كهذا. «فلتصب لنفسك في هذا الشيء. أما أنا فالشرب من الجرة يلائمني تماما.»
صب مقدار «ثلاثة أصابع» من الشراب من الجرة محدثا بقبقة في الكوب المبتكر، ثم أخذ المزارع الجرة بعدما نظر خلسة من فوق كتفه. «حسنا، في صحتك.» ازدرد الصحفي الجرعة كلها سريعا بسهولة تنم عن خبرة طويلة، وأعاد إغلاق الكوب جاعلا إياه مسطحا بإصبعيه الإبهام والوسطى، كأنه قبعة أوبرا معدنية.
شرب المزارع بصمت من الجرة نفسها. ثم ضرب السدادة داخل فوهتها براحة يده.
قال عابسا: «من الأفضل أن تدفنها في صومعة القمح. لربما يجدها الفتى إن وضعتها وسط الشوفان وهو يطعم الحصانين، كما تعلم.»
وافقه ييتس الرأي بينما تدفقت حبوب القمح الذهبية كموجة فوق الجرة المدفونة وسطها: «مكان ممتاز جدا. عجبا أيها العجوز، إنك تعرف الموضع الذي كانت فيه، لقد كنت هنا من قبل.»
اكفهر وجه بارتليت في إشارة إلى استيائه من هذا الاتهام، لكنه لم يؤكده ولم ينكره. خرج ييتس من مخزن الحبوب على مهل، بينما مر المزارع عبر مدخل صغير يؤدي إلى حظيرة الخيل. وبعد لحظة، سمع المزارع ينادي ابنه بعلو صوته ليحضر الدلاء ويسقي الخيول.
قال ييتس لنفسه مبتسما وهو يمشي الهوينى نحو البوابة: «من الواضح أنه يعد حجة لغيابه.»
الفصل الخامس
صاح ييتس في نعاس في صباح اليوم التالي حين استيقظ على طرق شديد متواصل على بابه: «ماذا جرى؟ ماذا جرى؟» «حسنا، أنت لم تنهض بعد .» فأدرك أنه صوت هيرام الصغير. «الفطور جاهز. لقد استيقظ البروفيسور منذ ساعة.»
قال ييتس متثائبا: «حسنا، سأنزل حالا»، ثم أضاف في قرارة نفسه: «تبا للبروفيسور!» كانت أشعة الشمس تتدفق عبر النافذة الشرقية، لكن ييتس لم يتذكر أنه رآها من قبل فوق الأفق على هذه المسافة القصيرة في الصباح قط. سحب ساعته من جيب صدريته التي كانت معلقة على أحد أعمدة السرير. لم تكن قد بلغت السابعة بعد. فوضعها على أذنه ظنا منه أنها توقفت عن العمل، لكنه وجد نفسه مخطئا.
نامعلوم صفحہ